تلاعب الشيطان ببعض الناس وضحكه عليهم

0 329

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
هل يمكن أن يرفع الله أشخاصا عاديين غير الأنبياء إليه؟
قرأت عدة مرات أثرا أن الله قد رفع ثابت البناني إليه؛ لأنه كان يدعو بهذا؟
هل هذا الأثر صحيح؟ هل له صلة، أو مأخوذ من رفع سيدنا إدريس صلى الله عليه وسلم، في سورة مريم؟
والحمد لله رب العالمين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى لا يعجزه شيء، فقد قال سبحانه: وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا {فاطر:44}.
ولكنا لم نطلع على ما يفيد أن الله تعالى رفع أحدا من الأشخاص العاديين إليه، سبحانه وتعالى.
وإنما سمعنا ما يحكى عن بعض الناس من ادعاء الطيران إلى الجنة، أو إلى الكعبة، وهذا من لعب الشيطان بهم.

فقد قال الشيخ الإمام أحمد بن عبد الحليم بن عبدالسلام ابن تيمية -رحمه الله- في النبوات: والذين تحملهم الجن وتطير بهم من مكان إلى مكان، أكثرهم لا يدري كيف حمل، بل يحمل الرجل إلى عرفات، ويرجع، وما يدري كيف حملته الشياطين، ولا يدعونه يفعل ما أمر الله به، كما أمر الله به، بل قد يقف بعرفات من غير إحرام، ولا إتمام مناسك الحج. وقد يذهبون به إلى مكة، ويطوف بالبيت من غير إحرام إذا حاذى الميقات -وذلك واجب في أحد قولي العلماء، ومستحب في الآخر- فيفوته المشروع، أو يوقعونه في الذنب. ويغرونه بأن هذا من كرامات الصالحين، وليس هو مما يكرم الله به وليه، بل هو مما أضلته به الشياطين، وأوهمته أن ما فعله قربة وطاعة، أو يكون صاحبه له عند الله منزلة عظيمة، وليس هو قربة وطاعة، وصاحبه لا يزداد بذلك منزلة عند الله. اهـ.

وقال ابن الحاج في المدخل: ومثل هذا ما حكي عن بعض المريدين أنه كان يحضر مجلس شيخه، ثم انقطع، فسأل الشيخ عنه، فقالوا له: هو في عافية، فأرسل خلفه، فحضر، فسأله: ما الموجب لانقطاعك؟

فقال: يا سيدي كنت أجيء لكي أصل، والآن قد وصلت! فلا حاجة تدعو إلى الحضور! فسأله عن كيفية وصوله، فأخبره أنه في كل ليلة يصلي ورده في الجنة.

فقال له الشيخ: يا بني؛ والله ما دخلتها أبدا، فلعلك أن تتفضل علي فتأخذني معك، لعلي أن أدخلها كما دخلتها أنت. قال: نعم.

فبات الشيخ عند المريد، فلما أن كان بعد العشاء جاء طائر، فنزل عند الباب، فقال المريد للشيخ: هذا الطائر الذي يحملني في كل ليلة على ظهره إلى الجنة، فركب الشيخ والمريد على ظهر الطائر، فطار بهما ساعة، ثم نزل بهما في موضع كثير الشجر، فقام المريد ليصلي، وقعد الشيخ.

فقال له المريد: يا سيدي أما تقوم الليلة؟

فقال الشيخ: يا بني؛ الجنة هذه! وليس في الجنة صلاة، فبقي المريد يصلي، والشيخ قاعد، فلما أن طلع الفجر جاء الطائر ونزل، فقال المريد للشيخ: قم بنا، نرجع إلى موضعنا. فقال له الشيخ: اجلس، ما رأيت أحدا يدخل الجنة، ويخرج منها، فجعل الطائر يضرب بأجنحته ويصيح، حتى أراهم أن الأرض تتحرك بهم، فبقي المريد يقول للشيخ: قم بنا لئلا يجري علينا منه شيء. فقال له الشيخ: هذا يضحك عليك، يريد أن يخرجك من الجنة، فاستفتح الشيخ يقرأ القرآن، فذهب الطائر، وبقيا كذلك إلى أن تبين الضوء، وإذا هما على مزبلة، والعذرة والنجاسات حولهما، فصفع الشيخ المريد وقال له: هذه هي الجنة التي أوصلك الشيطان إليها، قم فاحضر مع إخوانك، أو كما جرى. اهـ.

وأما ثابت البناني فلا نعرف ما يدل على كونه دعا بهذا الدعاء، وإنما روي عنه أنه دعا الله أن يعطيه الصلاة في قبره.

فقد قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد: وقد صح عن ثابت البناني، التابعي أنه قال: اللهم إن كنت أعطيت أحدا أن يصلي في قبره، فأعطني ذلك. فرؤي بعد موته يصلي في قبره. اهـ.
والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة