السؤال
ذكر ابن حيان في تفسير قوله تعالى: لواذا، سورة النور.
أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا إذا أراد أحد منهم الاستئذان في يوم الجمعة، وقت الخطبة، رفع أصبعه؛ فيأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هل هذا الحكم خاص بالصحابة، أم إنه يجوز الآن رفع الأصبع، والاستئذان من الإمام وهو يخطب؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فمن عرض له في الجمعة عذر يبيح تركها، أو ترك الخطبة؛ لإعادة الوضوء، ونحو ذلك، فله أن يخرج من المسجد بلا إذن من الإمام، والمستحب أن يستأذن، كما نص على ذلك بعض الفقهاء.
قال في منح الجليل: (و) جاز (خروج) معذور من المسجد (كمحدث) وراعف حال الخطبة لإزالة مانعه (بلا إذن) من الخطيب. هذا محط الجواز، فلا ينافي أن الخروج واجب، والأولى الاستئذان. انتهى.
وقد عد بعض أهل العلم شهود الجمعة من الأمر الجامع المذكور في قوله: وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه {النور:62}. وكان استئذان الأئمة إذا أراد الشخص الخروج لعارض في الجمعة معروفا عند السلف.
قال في البحر: وقال مكحول والزهري: الجمعة من الأمر الجامع، فإذا عرض للحاضر ما يمنعه الحضور من سبق رعاف؛ فليستأذن حتى يذهب عنه سوء الظن به. وقال ابن سيرين: كانوا يستأذنون الإمام على المنبر، فلما كثر ذلك، قال زياد: من جعل يده على أنفه، فليخرج دون إذن، وقد كان هذا بالمدينة، حتى إن سهيل بن أبي صالح رعف يوم الجمعة، فاستأذن الإمام. انتهى.
والحاصل أن الاستئذان والحال هذه، مستحب غير واجب، والأثر الذي ذكرته لم نجده عند أبي حيان في البحر.
لكن: أخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل، قال: كان لا يخرج أحد لرعاف، أو إحداث، حتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام، فيأذن له النبي صلى الله عليه وسلم، يشير إليه بيده، وكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد، فكان إذا استأذن رجل من المسلمين، قام المنافق إلى جنبه يستتر به حتى يخرج. فأنزل الله ..الذين يتسللون منكم لواذا الآية. كذا في فتح القدير.
والله أعلم.