معنى: الاحتباك، واللف والنشر، والتذييل، والماصدق

0 228

السؤال

المفسر الطاهر بن عاشور له مصطلحات في تفسيره لم أفهمها وهي:
1ـ احتباك
2ـ ماصدق
3ـ لف ونشر
4ـ تذييل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فهذه المصطلحات منها البلاغي ومنها المنطقي، فأما الاحتباك: فهو أن يحذف من الأوائل ما جاء نظيره أو مقابله في الأواخر، ويحذف من الأواخر ما جاء نظيره أو مقابله في الأوائل، ومأخذ هذه التسمية من الحبك، وهو الشد والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب، فحبك الثوب هو سد ما بين خيوطه من الفرج وشده وإحكامه إحكاما يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق، ومن أمثلته قوله تعالى: قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشآء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار {الآية: 13} نلاحظ في هذه الآية حذفا من الأوائل لدلالة ما في الأواخر، وحذفا من الأواخر لدلالة ما في الأوائل، وهذا من بدائع القرآن وإيجازه الرائع، إن إبراز المحاذيف يتطلب منا أن نقول: قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة ـ مؤمنة: تقاتل في سبيل الله وفئة: وأخرى كافرة ـ تقاتل في سبيل الطاغوت: يرونهم... إلى آخره، فتحقق: الاحتباك بدلالة ما في الأوائل على المحذوف من الأواخر، ودلالة ما في الأواخر على المحذوف من الأوائل. انتهى بتصرف من كتاب البلاغة العربية.

وأما اللف والنشر أو الطي والنشر: فقد عرفه المراغي في علوم البلاغة بقوله: هو ذكر متعدد مفصل أو مجمل، ثم ذكر ما لكل من آحاده بلا تعيين، اتكالا على أن السامع يرد إلى كل ما يليق به لوضوح الحال، فالمفصل قسمان:

1ـ إما مرتب، كقوله تعالى: ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله، فقد جمع بين الليل والنهار بواو العطف، ثم أضيف إلى كل ما يليق به، فأضيف السكون إلى الليل، لأن فيه النوم والراحة، وابتغاء الرزق إلى النهار، لما فيه من الكد والعمل، قول ابن حيوس: فهل المدام ولونها ومذاقها... في مقلتيه ووجنتيه وريقه.

2ـ وإما بعكس ترتيب اللقب، كقول ابن حيوس أيضا: كيف أسلو وأنت حقف وغصن... وغزال لحظا وقدا وردفا ـ فاللحظ للغزال، والقد للغصن، والردف للحقف وهو الرمل المتراكم، والمجمل، كقوله تعالى: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ـ فضمير قالوا لليهود والنصارى على سبيل اللف، ثم أضيف ما لكل إليه بعد، إذ التقدير وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا. انتهى.

وأما التذييل: فقد قال أسامة بن منقذ ـ رحمه الله ـ في تعريفه: اعلم أن التذييل هو: أن تأتي في الكلام جملة تحقق ما قبلها؛ كقوله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم ـ ثم حقق الكلام بقوله: ومن أوفى بعهده من الله ـ وكذلك: من أحسن من الله قيلا ـ وكذلك: إن الله لا يضيع أجر المحسنين ـ و: هل يجازى إلا الكفور ـ وهو كثير من القرآن، ومنه قول النابغة: ولست بمستبق أخا لا تلمه... على شعث، أي الرجال المهذب.

فهذه هي المصطلحات البلاغية الواردة في السؤال، وأما المصطلح المنطقي فهو الماصدق، وقد جاء في المعجم الوسيط ما عبارته: الماصدق ـ عند المناطقة: الأفراد التي يتحقق فيها معنى الكلي، ومقابل الماصدق هو المفهوم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات