0 194

السؤال

لو سمحت أريد من فضيلتكم أن تفتوني باستفاضة، بالأدلة الشرعية؛ لأني قررت أن لا أتزوج، وليست لي رغبة في الزواج، وأحس بظلم شديد للرجل في وقتنا الحاضر.
والسؤال: هل الخلع المعمول به في المحاكم المصرية، موافق للشرع، حيث إنني قرأت في عدة كتب فقهية، أن الخلع هو إيجاب وقبول. وقرأت في كتاب المحلى لابن حزم: أن الزوج لا يجبر على الخلع، لا هو، ولا زوجته. وإذا كان الخلع يصلح بدون رضا الزوج. فلماذا تلجأ المرأة للمحاكم لكي تحصل على الخلع من القاضي؟! لماذا لا تقوم المرأة بخلع زوجها بنفسها دون رضاه، كما أن للزوج حق التطليق دون رضا الزوجة؟
والله أشعر أن في الموضوع تدليسا، وكذبا، وتغييرا لمفهوم الخلع في الإسلام.
وإذا كان الخلع يصلح غيابيا، وبدون رضا من الزوج في الشريعة الإسلامية، فالمشكلة ليست فيه هو، المشكلة في آثاره المترتبة عليه. إذا كان هناك أولاد، والحضانة طبعا للأم.
المشكلة أن الرجل يتم طرده من بيته الذي بناه بكده وتعبه، باسم التمكين. هل قانون التمكين من الشريعة الإسلامية؟ هل يوجد أي أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أن يطرد الرجل من بيته لأن امرأته خالعته، وعنده ولد منها؟ ما ذنب الرجل في أن امرأته تريد فراقه، لمجرد أن مشاعرها تغيرت تجاهه، ليطرد من بيته، ويجلس عند أحد أقربائه، أو إخوانه، ويطرد من منزله الخاص به؟
لماذا يتحمل الرجل اختيارات المرأة هل الرجل خلق لكي يطرد من بيته في أي وقت تغضب فيه زوجته، أو يتحمل مسؤولية بيت آخر فوق البيت، وتزداد أعباؤه المادية؟
أعلم أن الرجل عليه أن ينفق على أبنائه، والسكن من النفقة، لكن هل معنى هذا أنه يجوز أن يتم طرده من بيته في أي وقت تريد امرأته أن تفارقه فيه، وتذهب وتخلعه في المحكمة بدون أي رضا منه. أين “لا ضرر ولا ضرار" أين العدل في القانون هذا المسمى بالخلع؟ وأين العدل في أن يحرم الرجل من تربيه أبنائه، ويطرد من بيته؟
لست معترضا على أن يترك الرجل البيت لامرأته الحاضنة، أو يستأجر لها بيتا آخر، بشرط أن يكون هو الذي طلقها؛ لأن الرجل عندما يطلق امرأته، يتحمل هو كافة الأعباء المادية التي ستعود عليه من هذا الطلاق من أجر حضانة ورضاع، وأجر مسكن وغيره، ولكن إذا تم الخلع بدون رضاه. فما ذنبه هو في أن يترك بيته، أو يتحمل مسؤولية استئجار بيت آخر لها؟
أعلم أن النفقة على الأب، ولكن السكن حق مشترك بينه وبين أبنائه، وزوجته. فهل من العدل أن يترك الرجل بيته، وليس لديه بيت آخر خاص به، ويعيش مع أمه، أو أحد أقربائه لمجرد أن زوجته تكرهه، ولا تريد العيش معه؟
أين الدليل على هذا في الشريعة الإسلامية؟
أفيدوني، بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فهذا الموقع يهدف إلى إسعاف المستفتين بإجابة أسئلتهم، واستفساراتهم، وليس معنيا بتقييم القوانين المعمول بها في المحاكم، والذي يمكن أن نفيدك به -بغض النظر عن قانون الخلع المسؤول عنه- يتلخص في النقاط التالية:
- الأصل في الخلع أن يتم برضا الزوجين، لكن في حال تضرر الزوجة من البقاء مع زوجها، وامتناع الزوج من مخالعتها، فالراجح عندنا أنه يجوز للقاضي أن يحكم بالخلع، ولو لم يرض الزوج، كما سبق بيان ذلك في الفتويين: 105875، 126259
- اختلف أهل العلم في نفقة وسكنى المختلعة -غير الحامل- في عدتها، وفي حقها في السكن بعد العدة إذا كانت حاضنة، والراجح عندنا أن سكناها تلزم أب المحضونين إذا لم يكن لها مسكن، كما بيناه في الفتوى رقم: 24435
- حكم القاضي في المسائل المختلف فيها بين أهل العلم، يرفع الخلاف، وراجع الفتوى رقم: 126317.
- في حال ثبوت حق الحضانة للأم، فإن الأب لا يمنع من رؤية ولده ورعايته، وتأديبه، وانظر الفتوى رقم: 150395
ومهما يكن، فإن ما ذكرته في سؤالك ليس مسوغا للعزوف عن الزواج، والإعراض عنه، فالزواج نعمة عظيمة، وسنة من سنن المرسلين، وقد أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم الشباب وحثهم عليه، وحذر من الإعراض عنه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي، فليس مني، وتزوجوا؛ فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصيام؛ فإن الصوم له وجاء. رواه ابن ماجه.
قال العيني -رحمه الله-: فإن النكاح سنة الأنبياء والمرسلين، وفيه تحصيل نصف الدين، وقد تواترت الأخبار والآثار في توعد من رغب عنه، وتحريض من رغب فيه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة