الرضا بالقضاء واجب إجماعًا بخلاف المقضي به

0 157

السؤال

أولا: أريد أن أعرف حكم كراهيتي، وبغضي لأنفي، فأنفي قصير، وعريض الأرنبتين، وأنا متعقدة منه جدا، وقد حصلت لي بعض المواقف بالمدرسة، وهي أن البعض يطلق علي "فلبينية، إندونيسية، بخارية"، وأنا لست كذلك، فأنا عربية الجنسية، أبا عن جد، وهذا الشيء يضايقني جدا، ويجرحني، وأنا لم أخلق أنفي، والمشكلة أنني الوحيدة في العائلة التي ولدت بهذا الأنف، وإخوتي لديهم أنوف طويلة وجميلة، ولا أسلم من إخوتي بالبيت، فدائما ما يطلقون علي مثل هذه الألفاظ الجارحة البغيضة: يا جاوية، يا فطسة. وأنا منذ فترة المتوسط كنت أقوم بحركة بأنفي، ألا وهي أني لا أتنفس جيدا، يعني أكتم تنفسي؛ لكي يظهر أنفي بشكل أصغر، ولا أستطيع أن أظهر للناس شكل أنفي الحقيقي، وفي العادة أكون متوترة حينما أتكلم مع الأشخاص، فكيف لي أن أضيق من تنفسي وأنا أتكلم؟ وللأسف هذه الحركة التي اعتمدتها لن تجدي نفعا بعد اليوم، فأنتم تعلمون أن الأنف يكبر، فلو أنني أستطيع أن أعزل نفسي عن العالم، وعن كلامهم الجارح. وقرأت معلومة أنني عندما أكتم نفسي وأتنفس من فمي، أن ذلك له أضرار، ولا أدرى ماذا أفعل؟
أكره حينما يحسبوني إندونيسية، أو فلبينية، والله أكره ذلك، وأخاف أن يكبر أنفي أكثر من ذلك، وأريد أن أعرف ما حكم عملية التجميل في حالتي، أو حقن الفلر، علما أن حركة كتمان التنفس لا أستطيع تركها حينما أرى الناس، فأنا أخاف أن يجرحوني أكثر، وقد تعبت جدا، فهل ما أفعله حرام؟ وهل ربي غاضب علي؟ علما أن أنفي قصير، عريض الأرنبتين، وهو أكبر شيء في وجهي. أفتوني رجاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا يخفى عليك أن كل شيء كائن بقضاء الله وقدره، وبمقتضى مشيئته وحكمته، كما قال تعالى: إنا كل شيء خلقناه بقدر {القمر:49}، وقال سبحانه: هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم {آل عمران:6}.

والمسلم مطالب شرعا بالرضا بالقضاء، بل هو واجب، ولكن كرهه للمقضي ليس بممنوع شرعا، قال القرافي في الفروق: اعلم أن السخط بالقضاء حرام إجماعا، والرضا بالقضاء واجب إجماعا، ‏بخلاف المقضي به... فعلى هذا إذا ابتلي الإنسان بمرض فتألم من المرض بمقتضى طبعه، فهذا ليس عدم رضا ‏بالقضاء، بل عدم رضا بالمقضي، ونحن لم نؤمر بأن تطيب لنا البلايا والرزايا، ومؤلمات الحوادث، ولم ترد الشريعة ‏بتكليف أحد بما ليس في طبعه... اهـ. بتصرف.‏

 وبخصوص حكم إجراء العملية التجميلية، راجعي الفتوى رقم: 327625.

وكتمانك نفسك أحيانا لا حرج فيه، إن لم تخشي أن يترتب عليه ضرر. 

 وننبه إلى حرمة سخرية المسلم من أخيه المسلم، قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن...{الحجرات:11}.

ومع الصبر على أذى من يؤذونك بذلك، نوصيك بمناصحتهم بالحسنى، وتذكيرهم بالله تعالى، ونذكرك بأن في الصبر على البلاء رفعة الدرجات، وتكفير السيئات، وللمزيد في فضل الصبر راجعي الفتوى رقم: 18103.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة