السؤال
كنت أدعي المرض فترة طويلة، كان أبي ينفق علي فيها المال لأجل العلاج، والأشعة، وزيارات الأطباء، فهل علي رد هذا المال له بقيمة تقريبية؛ لأني لا أعرف القيمة الحقيقية، أم تكفيني التوبة من ذلك؛ لعدم قدرتي على رد المال؟ وجزيتم خيرا.
كنت أدعي المرض فترة طويلة، كان أبي ينفق علي فيها المال لأجل العلاج، والأشعة، وزيارات الأطباء، فهل علي رد هذا المال له بقيمة تقريبية؛ لأني لا أعرف القيمة الحقيقية، أم تكفيني التوبة من ذلك؛ لعدم قدرتي على رد المال؟ وجزيتم خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي يلزمك هو التوبة من الكذب، ومن أذية الوالد، وأما المال، فإنما بذله والدك للأطباء ومعاونيهم، ولم تأخذيه أنت، وهذا وإن كان بسبب كذبك، إلا أنه لا يوجب الضمان؛ لأن مباشرة الدفع والأخذ لم تكن منك، فمن قواعد الضمان: إذا اجتمع المباشر، والمتسبب، يضاف الحكم إلى المباشر، جاء في الموسوعة الفقهية: المباشر للفعل هو الفاعل له بالذات، والمتسبب هو المفضي، والموصل إلى وقوعه، ويتخلل بين فعله، وبين الأثر المترتب عليه، فعل فاعل مختار، والمباشر يحصل الأثر بفعله، من غير تخلل فعل فاعل مختار.
وإنما قدم المباشر؛ لأنه أقرب لإضافة الحكم إليه من المتسبب ... فلو حفر رجل بئرا في الطريق العام، بغير إذن من ولي الأمر، فألقى شخص حيوان غيره في تلك البئر، ضمن الذي ألقى الحيوان؛ لأنه العلة المؤثرة، دون حافر البئر؛ لأن التلف لم يحصل بفعله.
ولو وقع الحيوان فيه بغير فعل أحد، ضمن الحافر؛ لتسببه بتعديه بالحفر بغير إذن.
وكذلك لو دل سارقا على متاع، فسرقه المدلول، ضمن السارق لا الدال؛ ولذا لو دفع إلى صبي سكينا، فوجأ به نفسه، لا يضمن الدافع، لتخلل فعل فاعل مختار، ولو وقع السكين على رجل الصبي فجرحها، ضمن الدافع. اهـ.
وهذا بخلاف ما لو كذب الولد على والده وادعى المرض، فأعطاه والده مالا لخصوص العلاج، فإنه يلزمه رده؛ لأن يد الولد على هذا المال يد أمانة، فإن فرط أو تعدى، لزمه الضمان.
وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 49586، 43304، 225808.
والله أعلم.