السؤال
هل للجنين دية؟ كنت حاملا بجنيني، وقبل بلوغ 120 يوما من عمر الجنين أبلغنا الطبيب ـ وهو عربي مسلم ـ أن الجنين مصاب بتشوه كامل، حيث يعاني من التثلث الصبغي 18، وأنه لن يعيش بأي حالة من الأحوال، وهذا كلام جميع الأطباء الذين قابلتهم بعد إجراء جميع الفحوصات، وتم حجز موعد لإسقاطه في اليوم 146، علما أنني بحثت على النت ووجدت أنه في حال كان الجنين سيموت، وفيه مضرة على الأم وعلى صحتها، فيجوز إنزاله، وأبلغني الطبيب أنه جائز شرعا، فأجهضنا الجنين بموافقة زوجي، وعندما عدت للبيت عملت بحثا آخر عن الفتاوى فوجدتها تحرم الإجهاض مهما كان السبب، ولو كنت أعلم أنه حرام لما أغضبت الخالق لأجل المخلوق، فلم أتوقف عن البكاء، وله أم، وأب، وجد، وجدة من الأم، وجدة من الأب، وأختان، وخالات، وأخوال، وعمة، وعم، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لكم، وأن يعفو عنكم، وأن يعافيكم فيما تستقبلون من أمركم.
وأما السؤال، فجوابه: أن الجنين إذا أتم مائة وعشرين يوما ونفخت فيه الروح، فلا يجوز إسقاطه بحال، ما دام حيا، ولو اتفق على ذلك والداه، ولو كان مشوها، إلا إذا كان بقاؤه خطرا على حياة أمه.
وأما قبل نفخ الروح: فإن التشوه الخطير الذي لا يقبل العلاج، عده كثير من أهل العلم المعاصرين مبررا للإجهاض، جاء في قرار المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة سنة: 1410 هـ ـ 1990 م، ما يلي:
1ـ إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوما لا يجوز إسقاطه، ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة، إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء الثقات المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم؛ فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوها أم لا، دفعا لأعظم الضررين.
2ـ قبل مرور مائة وعشرين يوما على الحمل إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات، وبناء على الفحوص الفنية بالأجهزة والوسائل المختبرية أن الجنين مشوه تشويها خطيرا غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة، وآلاما عليه وعلى أهله، فعندئذ يجوز إسقاطه بناء على طلب الوالدين. اهـ.
وما دام الجنين قد نفخت فيه الروح بإتمام هذه المدة، فلم يكن يجوز إجهاضه، ما لم يقرر الأطباء أن في بقائه خطرا على حياة أمه، ومع ذلك فإنا نرجو العفو عن السائلة لجهلها بالحكم، ولكونها اعتمدت على إبلاغ الطبيب لها بأن ذلك جائز شرعا، مع كونها قد عقدت نيتها على عدم فعل الحرام، حيث تقول: لو كنت أعلم أنه حرام لما أغضبت الخالق... فاستغفري الله تعالى، وأحسني الظن به سبحانه، وأملي خيرا، وأكثري من تلاوة أواخر سورة البقرة، حيث هذا الدعاء المبارك: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
وأما الواجب بعد ذلك، فكفارة القتل، لكون الإجهاض حصل بعد نفخ الروح، وهي بصيام شهرين متتابعين، وفي حال العجز عن ذلك عجزا دائما، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب هو إطعام ستين مسكينا، ومن كان فقيرا لا يجد ما يطعم به، فلا شيء عليه غير التوبة.
وأما دية الجنين: فلا تجب عليك، ولا على عاقلتك، ما دام الإجهاض قد تم بموافقة الزوج وإذنه، وحتى على القول بوجوبها، فإنها تسقط بعفو الزوج عنها؛ لأنه صاحب الحق في ميراث الجنين، فلا يرث معه أحد من إخوة الجنين، أو أجداده، أو غيرهم ممن ذكرتهم السائلة، وراجعي تفصيل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 134215، 136241، 150549، 130939.
والله أعلم.