سبب ترجيح أئمة الحديث الإرسال على الوصل

0 150

السؤال

ذكر علماء العلل في مصطلح الحديث في ترجيح الوصل والإرسال عدة مذاهب، فلماذا يختار الدارقطني ترجيح الإرسال أكثر من الوصل في انتقاده على البخاري ومسلم؟ وهلا رجح الوصل، لأن زيادة الثقة مقبولة؟ أم يعتبر متعنتا في هذا المجال؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مسألة تعارض الوصل والإرسال، ومثلها مسألة تعارض الرفع والوقف، ليس لأئمة الحديث فيها اختيار ثابت مطرد يصلح لكل حديث اختلف في وصله وإرساله أو رفعه ووقفه، ولكن المعتبر فيها هو القرائن المحتفة بكل حديث على حدة. وعلى هذا فهما من المسائل الاجتهادية التي تختلف فيها أنظار النقاد من أهل الحديث، ومن ذلك اختلاف الإمام الدارقطني مع الإمام البخاري ومع الإمام مسلم، ولم يصف الأئمة الدارقطني بالتعنت مع الشيخين، وإن لم يسلموا له في معظم انتقاده لهما وناقشوه في ذلك.

وأما اختياره للإرسال أكثر من اختياره للوصل، فليس راجعا لتتبعه لهما، وإنما هذا ما أداه إليه اجتهاده وفقا للقرائن التي تظهر له، ويشهد لذلك صنيعه في كتابه الضخم ـ العلل ـ كما أن ترجيح الإرسال على الوصل، وترجيح الوقف على الرفع ليس خاصا بالدارقطني، بل هو الغالب في صنيع عامة النقاد من أئمة الحديث، فأكثر أحكامهم عند التعارض ترجح الناقص ـ الإرسال أو الوقف ـ على الزائد ـ الوصل أو الرفع ـ نتيجة لإعمال القرائن، والتي منها: أن الغالب في أوهام الثقات الزيادة في الأسانيد بجعلها موصولة أو مرفوعة ـ لأنها هي الجادة ـ بينما يكون الصواب مع من رواه على غير الجادة مرسلا أو موقوفا، فمخالفته للجادة تدل على أنه أحفظ، وربما دلت القرائن على وقوع عكس ذلك أحيانا.

وانظر البحث موعبا في شرح السخاوي على ألفية العراقي، فتح المغيث، وفي الوسيط في علوم ومصطلح الحديث لأبي شهبة، وفي منهج النقد في علوم الحديث لنور الدين عتر، وذلك عند بحثهم مسألة: تعارض الوصل والإرسال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة