السؤال
أحيانا أرى ناسا ينصحون بترك شيء، وهم يفعلونه، فأبتسم، وأقول في نفسي: نسوا أنفسهم.
بعد ذلك أستوعب، وأخاف أن يكون ذلك استهزاء مخرجا من الملة.
أحيانا أرى ناسا ينصحون بترك شيء، وهم يفعلونه، فأبتسم، وأقول في نفسي: نسوا أنفسهم.
بعد ذلك أستوعب، وأخاف أن يكون ذلك استهزاء مخرجا من الملة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرته لا يعتبر من الاستهزاء المخرج من الملة.
وإذا كان صدر منك انتقاد هؤلاء الذين يقعون في المعاصي التي ينهون عنها، فلا إثم في ذلك، إذا كان النقد صدر منك فيما بينك وبين نفسك؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل، أو تتكلم. متفق عليه.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 162999،324322، 275656
هذا وننبه إلى خطر مخالفة الناصح لما أمر به، أو نهى عنه، فقد قال الله تعالى: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون [البقرة:44]. وقال تعالى: كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون [الصف:3]. وقال الله تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام: وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه {هود:88}.
وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان، ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف، وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه. ولكن هذا لا يبرر ترك النهي عن المنكر، والأمر بالمعروف.
فقد جاء في لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي: قيل للحسن: إن فلانا لا يعظ، ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل. فقال الحسن: وأينا يفعل ما يقول، ود الشيطان أنه ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه عن منكر. وقال مالك عن ربيعة: قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف، ولا نهى عن منكر. قال مالك: وصدق، ومن ذا الذي ليس فيه شيء.
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط. اهـ.
وأقوال أهل العلم في هذا كثيرة.
والله أعلم.