السؤال
أثابكم الله.
يذكر بعض أهل اللغة، أن الكلمات التي لا تحتوي على الأقل على واحد من الحروف المذلقة، تكون كلمة أعجمية.
فهل هذا صحيح؟
وهل ينطبق هذا على كلمات القرآن مثل كلمة "حياة" وكلمة "يحيى"؟
أثابكم الله.
يذكر بعض أهل اللغة، أن الكلمات التي لا تحتوي على الأقل على واحد من الحروف المذلقة، تكون كلمة أعجمية.
فهل هذا صحيح؟
وهل ينطبق هذا على كلمات القرآن مثل كلمة "حياة" وكلمة "يحيى"؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية لا بد من التعرف على صفة الذلاقة, وبيان الحروف المذلقة, وقد ورد توضيح جميع ذلك في كتاب: هداية القاري إلى تجويد كلام الباري، للشيخ عبد الفتاح المرصفي الشافعي، حيث يقول: الصفة التاسعة: الذلاقة، ومن معانيها في اللغة الفصاحة، والخفة.
وفي الاصطلاح: الاعتماد عند النطق بالحرف على ذلق اللسان والشفة، وقيل غير ذلك.
وحروفها ستة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "فر من لب" وهي الفاء والراء والميم والنون اللام والباء الموحدة. وسميت بذلك لذلاقتها، أي خفتها وسرعة النطق بحروفها؛ لأن بعضها يخرج من ذلق اللسان أي طرفه، وهو الراء واللام والنون، وبعضها يخرج من ذلق الشفة وهو الفاء والباء والميم، وكما تسمى بالذلاقة تسمى بالحروف المذلقة، وبحروف الإذلاق وكلها ألفاظ مترادفة. انتهى.
وبخصوص ما قاله السائل من أن الكلمات التي لا تحتوي على الأقل على واحد من الحروف المذلقة، تكون كلمة أعجمية, فهذا ليس على إطلاقه، بل الذي ورد عن بعض علماء اللغة العربية أنه من النادر وجود فعل يتألف من أربعة أحرف, أو خمسة، يخلو من أحد الحروف المذلقة.
جاء في كتاب المزهر في علوم اللغة وأنواعها لجلال الدين السيوطي: قال ابن دريد: اعلم أن أحسن الأبنية أن يبنوا بامتزاج الحروف المتباعدة، ألا ترى أنك لا تجد بناء رباعيا مصمت الحروف لا مزاج له من حروف الذلاقة، إلا بناء يجيئك بالسين وهو قليل جدا مثل عسجد، وذلك أن السين لينة وجرسها من جوهر الغنة، فلذلك جاءت في هذا البناء. انتهى.
وفي كتاب تهذيب اللغة للهروي: فأما المذلقة فإنها ستة أحرف في حيزين: أحدهما حيز الفاء، فيه ثلاثة أحرف كما ترى: ف، ب، م، مخارجها من مدرجة واحدة، لصوت بين الشفتين، لا عمل للسان في شيء منها. والحيز الآخر حيز اللام، فيه ثلاثة أحرف كما ترى: ل، ر، ن، مخارجها من مدرجة واحدة بين أسلة اللسان، ومقدم الغار الأعلى. فهاتان المدرجتان هما موضعا الذلاقة، وحروفهما أخف الحروف في المنطق، وأكثرها في الكلام، وأحسنها في البناء. ولا يحسن بناء الرباعي المنبسط، والخماسي التام إلا بمخالطة بعضها نحو: جعفر، ودردق، وسفرجل، ودردبيس. وقد جاءت كلمات مسينة (جاء بناؤها على السين ) شواذ، نحو: عسجد، وعسطوس. انتهى.
أما كلمات القرآن: فمن المعلوم أنها في غاية البلاغة, والحسن, وليس فيها أسلوب نادر, ولا شاذ, ولا ينطبق عليها ما جاء في الكلام السابق.
والله أعلم.