السؤال
ما حكم من قال: لماذا "يا رب فعلت بي كذا" وهو يشك أنها من الممكن أن تكون كفرا، ولذلك أثناء قولها ندم وقال: "لأني أعصيك يا رب"؟ وما حكم من أصابه وسواس الكفر كخشية إن ذهب للسينما أن يكون حلف بغير الله في الأفلام، وإثر انزعاجه من الوساوس، قرر أن ينتقم من نفسه، وقال: "لماذا لا نذهب للسينما"؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مثل هذا السؤال لا يجوز إن كان سببه تسخط القدر، أو الاعتراض على أقدار الله تعالى، أو اتهامه بعدم العدل، فهو سبحانه حكيم عدل، يتصرف في عباده بما شاء، ولا يظلم أحدا، فقد قال الله تعالى: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون {الأنبياء:23}.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: وهو سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وله فيما خلقه حكمة بالغة ونعمة سابغة، ورحمة عامة وخاصة، وهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لا لمجرد قدرته وقهره، بل لكمال علمه وقدرته، ورحمته وحكمته، فإنه سبحانه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وقد أحسن كل شيء خلقه، وقال تعالى: صنع الله الذي أتقن كل شيء. انتهى.
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: قد اتفق أهل الأرض والسماوات على أن الله تعالى عدل لا يظلم أحدا، حتى أعداءه المشركين الجاحدين لصفات كماله، فإنهم مقرون له بالعدل ومنزهون له عن الظلم، حتى إنهم ليدخلون النار وهم معترفون بعدله، كما قال تعالى: فاعترفوا بذنبهم { الملك: 11} وقال تعالى: يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين { الأنعام: 130} فهو سبحانه قد حرم الظلم على نفسه، وأخبر أنه لا يهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ...انتهى.
وأما عن الكفر بهذه الكلمة، فإن الموسوس يتعين عليه الإعراض عن الوسوسة في الكفر، وألا يحكم بالكفر في شيء دون استناد لكلام أهل العلم كغير الموسوس، ثم إن الاعتراض على القدر، قد يصل في بعض الأحيان بصاحبه للكفر نعوذ بالله.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
الناس حال المصيبة على مراتب أربع:
المرتبة الأولى: التسخط ،وهو على أنواع:
النوع الأول: أن يكون بالقلب، كأن يتسخط على ربه، يغتاظ مما قدره الله عليه: فهذا حرام، وقد يؤدي إلى الكفر، قال تعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة).
النوع الثاني: أن يكون باللسان، كالدعاء بالويل، والثبور، وما أشبه ذلك، وهذا حرام.
النوع الثالث: أن يكون بالجوارح، كلطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور، وما أشبه ذلك، وكل هذا حرام، مناف للصبر الواجب. انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ العثيمين".
ونكتفي بجواب سؤالك الأول، ونرحب بباقي أسئلتك في رسالة أخرى، التزاما بنظام الموقع من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة، يجاب السائل على الأول منها فحسب.
والله أعلم.