هل يحق للشخص الأخذ من المال العام بقدر ما أخذ منه

0 319

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما قولكم -وفقكم الله- في رجل صادرت الحكومة العراقية السابقة بعض أمواله دون حق، وجعلتها في الخزينة العامة، هل يحق له أن يأخذ من المال العام ما يساوي ما أخذ منه دون إشعار الجهات المسؤولة، وهل يختلف حكمه عن غيره في شراء ما نهب من الدوائر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فمن صادرت الحكومة ماله بغير حق فظفر بعد ذلك بشيء من أموال الحكومة، فإن له أن يأخذ من هذه الأموال بقدر ما أخذ منه، وهذه المسألة تسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر، وقد تقدم الحديث عنها في الفتوى رقم: 8780، والفتوى رفم: 6022، . ومن المناسب هنا أن نورد ما ذكره ابن حجر الهيتمي في فتاويه حول مسألة الظفر فيما إذا كان الأمر متعلقا بالأموال العامة، قال رحمه الله: (2235) فإذا علم أنها غنيمة لم تخمس فهل له طريق إلى تملكها؟ قلت: إن علمت عين الغانمين، فلا طريق إلى ذلك، وإلا، بأن أيس من معرفتهم، فهي مال ضائع، وهو لبيت المال، وحينئذ فلمن يستحق في خمس المصالح شيئا أن يتملكها بطريق الظفر إذا لم يتمكن من الوصول إلى حقه من بيت المال، كما اقتضاه كلام المجموع، حيث قال عن الغزالي وأقره: لو لم يدفع السلطان إلى كل المستحقين حقوقهم من بيت المال فهل يجوز أخذ شيء منه؟ قال: فيه أربعة مذاهب: -أحدها، لا يجوز لأنه مشترك ولا يدري حصته منه حبة أو دانقا أو غيرهما وهو غلول. -والثاني: يأخذ قوت كل يوم فيه. -والثالث: كفاية سنة. -والرابع يأخذ ما يعطى، وهو حقه، والباقون مظلومون، قال الغزالي: وهو القياس، لأنه ليس مشتركا كالغنيمة والميراث، لأن ذلك ملك لهم، حتى لو ماتوا قسم بين ورثتهم، هنا لا يستحق وارثه شيئا، وهذا إذا صرف إليه ما يليق صرفه إليه. اهـ. فتقرير النووي والغزالي رحمهما الله تبارك وتعالى على ترجيح الرابع لكونه القياس ظاهر في اعتماده لذلك، فيتفرع عليه جواز الأخذ ظفرا، سواء أكان هناك أحوج منه كما اقتضاه كلام البغوي، أم لا، خلافا للسبكي، وبه صرح ابن الفركاح وابن جماعة، حيث قال في المال الضائع: ولمن كان في يده إذا عدم الحاكم العادل أن يصرف لنفسه إذا كان بهذه الصفة وهو عالم بالأحكام الشرعية، أي واقتصر على ما يليق أن يصرف إليه من ذلك، وبالجواز أيضا صرح الأذرعي بحثا قياسا على مال الغريم، قال: بل أولى، ونقل عن محقق عصره الجلال المحلي ما يقتضي الجواز أيضا، فهو المعتمد، ويدل له أيضا قول ابن عبد السلام إن قيل الجزية للأجناد على قول، أو المصالح العامة على قول. وقد رأينا جماعة من أهل العلم والصلاح لا يتورعون عنها ولا يخرجون من الخلاف فيها مع ظهوره، فالجواب أن الجند قد أكلوا من المصالح التي يستحقها أهل العلم والورع وغيرهم ممن يجب تقديمه أكثرها، فيؤخذ من الجزية ما يكون قصاصا ببعض ما أخذوه وأكلوه فتصير كمسألة الظفر. اهـ. فما نقله عنه الزركشي من إطلاق منع الأخذ ظفرا من بيت المال يحمل على ما إذ كان الآخذ غير عالم بالأحكام الشرعية أو أخذ فوق حقه، وإلا، فإطلاقه ضعيف، وإن اقتضى كلام السبكي في فتاويه الميل إليه، وفي بعض كتب الحنفية أن من له حظ في بيت المال فله أخذه ديانة. اهـ وأما عن شرائه للأموال المنهوبة، فإنه لا فرق بينه وبين غيره، لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان مع إمكان أخذه مقابل حقه بغير هذه الإعانة. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة