السؤال
1. هل نحن محاسبون على الغل الذي نحس به تجاه من ظلمنا، أو حسدنا؟
2. كيف أحصن نفسي من عين أمي، فأنا أقرأ أذكار الصباح والمساء من المعوذتين، وكل أدعية التحصين، وما زالت تصيبني بالعين، فماذا أفعل؟ وأرجو منكم الدعاء لي بتفريج الهم.
1. هل نحن محاسبون على الغل الذي نحس به تجاه من ظلمنا، أو حسدنا؟
2. كيف أحصن نفسي من عين أمي، فأنا أقرأ أذكار الصباح والمساء من المعوذتين، وكل أدعية التحصين، وما زالت تصيبني بالعين، فماذا أفعل؟ وأرجو منكم الدعاء لي بتفريج الهم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يفرج همك، وهموم جميع المسلمين.
وأما عن الغل الذي يقع تجاه الظالم فعلا، فقد قدمنا في الفتويين: 127825، 112962 أنه لا شيء على صاحبه، وأن له الحق في التربص به ليجد فرصة يرد فيها مظلمته، وأن هذا من الأمور الجبلية، ولكن الأفضل للمظلوم العفو، والدعاء للظالم بالمغفرة والهداية.
وننصحك دائما بالتحصن من العين، وغيرها بالمواظبة على الأذكار, والرقية الشرعية، وقد أمر رسول الله -عند التحقق من العائن- أن يغتسل العائن، ثم يغتسل منه المعين، وحمل كثير من أهل العلم اغتساله على الوجوب إذا طلب منه ذلك, كما قال العراقي، والعيني، والزرقاني، وغيرهم, فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العين حق. متفق عليه، زاد مسلم: ولو كان شيء سابق القدر، سبقته العين، وإذا استغسلتم، فاغسلوا.
وروى سهل بن حنيف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو مكة, حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف, وكان رجلا أبيض، حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة، أخو بني عدي بن كعب وهو يغتسل, فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط سهل, فأتي رسول الله، فقيل له: يا رسول الله, هل لك في سهل, والله ما يرفع رأسه، وما يفيق! قال: هل تتهمون فيه من أحد؟ قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا, فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت, ثم قال له: اغتسل له, فغسل وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح, ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه, ثم يكفئ القدح وراءه، ففعل به ذلك, فراح سهل مع الناس ليس به بأس. رواه أحمد في مسنده.
وجاء في بعض الروايات الأمر بالوضوء، كما في الحديث عن عائشة ـرضي الله عنهاـ قالت: كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغسل منه المعين. رواه أبو داود، وصححه الألباني, وفي رواية الموطأ لحديث سهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: علام يقتل أحدكم أخاه، ألا بركت، إن العين حق، توضأ له.
هذا، ونوصيك بالبر بأمك، والحذر من إساءة الظن بها, واتهامها دون بينة واضحة، أو قرينة ظاهرة، فقد منع الشرع اتهام المسلم بالسوء, كما قال سبحانه: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم {الحجرات:12}، وفي حديث الصحيحين: إياكم والظن, فإن الظن أكذب الحديث. وقد فسر ابن كثير الظن المنهي عنه بالتهمة, والتخون للناس في غير محله، وذكر قول عمر -رضي الله عنه-: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا، وأنت تجد لها في الخير محملا. وذكر حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله، ودمه، وأن يظن به إلا خيرا. رواه ابن ماجه.
وروى الطبري عند تفسيره عند هذه الآية: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نهى الله المؤمن أن يظن بالمؤمن شرا، ثم قال: إن ظن المؤمن الشر لا الخير إثم؛ لأن الله تعالى نهاه عنه. انتهى.
والله أعلم.