هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المشي

0 264

السؤال

أسأل عن كيفية المشي في الشارع، فعندما أمشي في الشارع أمشي أحيانا مشية متماوت، أو ببطء، وفي الغالب -خاصة عندما أكون مستعجلا-أمشي مشيا سريعا غير منسق، حتى يداي تتحركان كأنهما تمشيان، وأتلفت يمينا وشمالا، وألتفت إلى الخلف من غير داع؛ لأرى ما خلفي فقط، وأنظر في بيوت الناس، لو كان الباب مفتوحا، وعندما أمر بشخص وهو جالس -مثلا- أنظر إليه؛ مما يسبب لي الإحراج، فما هي طريقة المشي؟ وكيف كان يمشي الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان يسرع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد أوضح ابن القيم -رحمه الله- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مشيه فقال ما عبارته: كان إذا مشى تكفأ تكفؤا، وكان أسرع الناس مشية، وأحسنها، وأسكنها، قال أبو هريرة: ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كأنما الأرض تطوى له، وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث، وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ تكفؤا، كأنما ينحط من صبب، وقال مرة: إذا مشى تقلع، قلت: والتقلع الارتفاع من الأرض بجملته، كحال المنحط من الصبب، وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة، وهي أعدل المشيات، وأروحها للأعضاء، وأبعدها من مشية الهوج والمهانة والتماوت، فإن الماشي إما أن يتماوت في مشيه، ويمشي قطعة واحدة، كأنه خشبة محمولة، وهي مشية مذمومة قبيحة، وإما أن يمشي بانزعاج واضطراب مشي الجمل الأهوج، وهي مشية مذمومة أيضا، وهي دالة على خفة عقل صاحبها، ولا سيما إن كان يكثر الالتفات حال مشيه يمينا وشمالا، وإما أن يمشي هونا، وهي مشية عباد الرحمن، كما وصفهم بها في كتابه فقال: "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا" [الفرقان:63]، قال غير واحد من السلف: بسكينة ووقار من غير تكبر، ولا تماوت، وهي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه مع هذه المشية كان كأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تطوى له، حتى كان الماشي معه يجهد نفسه ورسول الله صلى الله عليه وسلم غير مكترث، وهذا يدل على أمرين: أن مشيته لم تكن مشية بتماوت، ولا بمهانة، بل مشية أعدل المشيات. انتهى.

وبهذا البيان الواضح تعلم أن مشيك مشية المتماوت ليس هو ما ينبغي، ومشيك المضطرب كذلك ليس هو ما ينبغي، وكثرة التفاتك في أثناء مشيك مما يخالف هديه صلى الله عليه وسلم في مشيه.

وأما نظرك في داخل البيوت المفتوحة فخلة مذمومة؛ إذ قد تقع عينك على عورة مكشوفة، أو نحو ذلك، مما لا يحب أصحاب البيوت أن تطلع عليه، والأولى بك أن تغض بصرك ولا تطلقه؛ امتثالا لقول الله: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم {النور:30}.

فينبغي لك أن تمشي مشية عباد الله الذين يمشون على الأرض هونا في سكينة ووقار من غير تكبر، ولا خيلاء، ومن غير تماوت في المشية، فخير الأمور أوساطها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة