السؤال
ما حكم من طلب منه أحد أن يقوم بتغيير قناة على التلفاز، لقناة أخرى، تحتوي على أغاني كفرية، أو مسلسل فيه استهزاء بالملتزمين، وفعل ذلك.
هل يكفر أم لا؟
ما حكم من طلب منه أحد أن يقوم بتغيير قناة على التلفاز، لقناة أخرى، تحتوي على أغاني كفرية، أو مسلسل فيه استهزاء بالملتزمين، وفعل ذلك.
هل يكفر أم لا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن المسلسلات التي بها استهزاء بالدين، أو المتدينين، لا تجوز مشاهدتها، وأنه يحرم سماع الأغاني الكفرية، فقد قال تعالى: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم {النساء:140}.
قال القرطبي: (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) أي غير الكفر. (إنكم إذا مثلهم) فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، قال الله عز وجل: (إنكم إذا مثلهم). فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم، يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية، وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم، فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. اهـ.
وقال السعدي: وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق، التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده، ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم {حتى يخوضوا في حديث غيره} أي: غير الكفر بآيات الله، والاستهزاء بها. {إنكم إذا} أي: إن قعدتم معهم في الحال المذكورة {مثلهم} لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها، والحاصل أن من حضر مجلسا يعصى الله به، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها. اهـ.
وإذا حرمت مشاهدة واستماع تلك الأمور، حرمت الإعانة على ذلك بتقليب القنوات لهذا الغرض، فمن القواعد المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة، لقوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2}.
قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
لكن مجرد مشاهدة أو استماع مشاهد فيها أفعال أو أقوال كفرية، أو الإعانة على مشاهدتها ليس كفرا، ما دام الشخص ليس راضيا بما فيها من كفر، وإنما حسبه الإثم، كما بيناه في الفتوى رقم: 133676، والفتوى رقم: 189453.
والله أعلم.