السؤال
زوج أختي سقط من الدور العاشر، وتوفاه الله عز وجل. وأثناء سقوطه، سقط على شخص، فأصيب بأضرار بالغة، أقعدته عن عمله، حيث أصيب بشلل.
فهل يجب على أسرة المتوفى التكفل به، أم إذا فعلوا ذلك، فهو على سبيل الاستحباب، بحيث إذا لم يتكفلوا بنفقته وعلاجه. سيحاسب المتوفى على ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم ميتكم، وأن يشفي المصاب، واعلمي أن الميت بسقوطه على ذلك الشخص، يعتبر جانيا عليه، فيستحق المجني عليه أرش كل منفعة فقدها، أو كسر، أو جرح أصابه بسبب الجناية.
جاء في كشاف القناع: (وإن نزل رجل بئرا، فخر عليه آخر، فمات الأول من سقطته، فعلى عاقلته) أي الثاني (ديته) أي الأول؛ لأنه مات من سقطته، فيكون هو قاتله، فوجبت الدية على عاقلته، كما لو باشره بالقتل خطأ (وإن كان) الثاني رمى بنفسه عليه (عمدا، وهو مما يقتل غالبا، فعليه القصاص) لأنه قصد جناية تقتل غالبا (وإلا) أي وإن لم يكن مما يقتل غالبا (فشبه عمد) لأنه قصد جناية لا تقتل غالبا (وإن وقع) الثاني على الأول (خطأ، فالدية على عاقلته مخففة) كسائر أنواع الخطأ (وإن مات الثاني بسقوطه على الأول، فدمه هدر) لأنه مات بفعله، وقد روى علي بن رباح اللخمي" أن رجلا كان يقود أعمى، فوقعا في بئر، ووقع الأعمى فوق البصير فقتله، فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى، فكان الأعمى ينشد في الموسم في خلافة عمر:
يا أيها الناس رأيت منكرا ... هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا
خرا معا كلاهما تكسرا
رواه الدارقطني، وقاله ابن الزبير، وشريح، والنخعي، والشافعي، وإسحاق. اهـ.
والضمان يجب على عاقلة الجاني -أي عصبته، وهم الأقرباء من جهة الأب- ما دامت الجناية خطأ، والأصل أن جناية الخطأ تتحملها العاقلة بإجماع العلماء -إذا زادت على ثلث الدية-
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن العاقلة لا تحمل دية العمد، وأجمعوا على أنها تحمل دية الخطأ. اهـ.
وجاء في الإقناع في مسائل الإجماع: وثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة، وأجمع أهل العلم على القول به. اهـ.
وإذا كانت العاقلة عاجزة عن أداء الدية، دفعها بيت المال، فإن لم يوجد، ففي مال الجاني خاصة، وراجعي للمزيد حول العاقلة وأحكامها، الفتوى رقم: 322219، وإحالتها.
والشلل الذي تزول معه منفعة المشي، تجب فيه الدية كاملة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على أنه تجب بإزالة العقل كمال الدية؛ وكذلك بإبطال الصوت، والذوق، والمضغ، والإمناء، والإحبال، والجماع، والبطش، والمشي، دية كاملة. اهـ باختصار.
فالحاصل: أنه لا يجب البتة على أسرة الميت التكفل بالمجني عليه، وإنما يستحق المجني أرش الجناية التي أصابته -وفق ما تقدم بيانه-.
والله أعلم.