السؤال
قال تعالى: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون) {77} ذكرت الآية السابقة أن سيدنا يوسف قد سرق. فما هي قصة السرقة التي قام بها؟
قال تعالى: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون) {77} ذكرت الآية السابقة أن سيدنا يوسف قد سرق. فما هي قصة السرقة التي قام بها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قال القرطبي في تفسيره (9/239): وقد اختلفوا في السرقة التي نسبوا إلى يوسف، فروي عن مجاهد وغيره أن عمة يوسف بنت إسحاق كانت أكبر من يعقوب، وكانت صارت إليها منطقة إسحاق لسنها، لأنهم كانوا يتوارثون بالسن، وهذا مما نسخ حكمه بشرعنا، وكان من سرق استعبد.
وكانت عمة يوسف حضنته وأحبته حبا شديدا، فلما ترعرع وشب قال لها يعقوب: سلمي يوسف إلي، فلست أقدر أن يغيب عني ساعة، فولعت به، وأشفقت من فراقه، فقالت له: دعه عندي أياما أنظر إليه فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى منطقة إسحاق، فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه، ثم قالت: لقد فقدت منطقة إسحاق، فانظروا من أخذها ومن أصابها، فالتمست ثم قالت: اكشفوا أهل البيت فكشفوا، فوجدت مع يوسف. فقالت: إنه والله لي سلم أصنع فيه ما شئت، ثم أتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال لها: أنت وذلك، إن كان فعل ذلك فهو سلم لك، فأمسكته حتى ماتت، فبذلك عيره إخوته في قولهم:" إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل" ومن هاهنا تعلم يوسف وضع السقاية في رحل أخيه كما عملت به عمته.
وقال سعيد بن جبير: إنما أمرته أن يسرق صنما كان لجده أبي أمه، فسرقه وكسره وألقاه على الطريق، وكان ذلك منهما تغييرا للمنكر، فرموه بالسرقة وعيروه بها، وقاله قتادة.
وفي كتاب الزجاج: أنه كان صنم ذهب. وقال عطية العوفي: إنه كان مع إخوته على طعام فنظر إلى عرق فخبأه فغيره بذلك.
وقيل: إنه كان يسرق من طعام المائدة للمساكين، حكاه ابن عسى. وقيل: إنهم كذبوا عليه فيما نسبوه إليه، قاله الحسن. اهـ.
وفي فتح القدير لـ الشوكاني: وحكى القرطبي في تفسيره عن الزجاج: أنه قال: كذبوا عليه في ما نسبوه إليه. قلت -القائل الشوكاني-: وهذا أولى. إلى آخر كلامه.
والله أعلم.