السؤال
ما الحكمة من جعل أعضاء التيمم الوجه والكفين فقط دون باقي أعضاء الوضوء؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كثيرا من الأحكام التي تعبدنا الله بها قد تظهر للعباد حكمتها وقد تخفى حكمتها عنهم، فيخفي الله حكمة هذه الأمور عنا ابتلاء ليتحقق من العبد الاستسلام لله بالطاعة، وأن حال العبد أمام أمر الله وشرعه قائم على قدم الخضوع والاستسلام، سواء علم الحكمة من أمره، أم لم يعلمها مع التيقن أن لها حكما لم نعلمها، ولم ندركها بعقولنا، قال ابن القيم رحمه الله: ومن علامات تعظيم الأمر والنهي أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز وجل؛ بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه ممتثلا ما أمر به، سواء ظهرت له حكمته أو لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه حمله ذلك على مزيد الانقياد والتسليم. انتهى.
وأما عن تخصيص التيمم بالوجه والكفين دون باقي أعضاء الوضوء: فقد قال فيه الونشريسي المالكي في عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق: وإنما شرع التيمم في الوجه واليدين دون الرأس والرجلين، لأن العرب من عادتها ألا تعمل التراب على رأسها إلا لحزن أو لأمر طارئ، والرجلان لا يمسح عليهما بالتراب، لأن محلهما بالتراب بكرة وعشيا، قاله الشاشي في محاسن الشريعة، وأيضا التراب على الرأس علامة الفراق من الحبيب، والله عز وجل حبيب العارفين، ولا تكون بينهما فرقة، فلذلك لم يؤمر به، قاله القشيري في كنز اليواقيت. اهـ
والله أعلم.