التعامل مع الكفار في المباح لا يتنافى مع قوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ

0 180

السؤال

في الفتوى رقم: 114180 قلتم ـ جزاكم الله خيرا ـ: إن أهل العلم كرهوا بيع الأشياء المباحة التي يستخدمها الكفار في الاحتفال بأعيادهم، والمكروه يمكن فعله، والأفضل تركه، ألا يناقض هذا ما قاله الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففي البداية: نشكر السائل الكريم على متابعته للموقع، وعلى الملاحظة، ولتعلم أن بيع المسلم للأشياء المباحة التي يستعملها الكفار في أعيادهم نص العلماء على النهي عنها، ولكن بعضهم حمل ذلك على كراهة التنزيه، جاء في حاشية الدسوقي المالكي: وكره لنا بيع الطعام، أو غيره، كثياب، وإجارة الدواب، وسفينة، وغيرها لعيده ـ أي: الكافر ـ وكعيده ما أشبهه من كل ما يعظم به شأنه.

وقد قال بعضهم بالتحريم، جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية عطفا على عدم جواز تشبه المسلمين بالكفار: لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء، مما يختص بأعيادهم، لا من طعام، ولا لباس، ولا اغتسال.. ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك.

ولا شك أن التورع عن بيع الأشياء المباحة التي يستعملها الكفار في أعيادهم أولى وأحوط.

والتعامل مع الكفار في المباح لا يتنافى مع الآية المذكورة، فقد قال الطبري في جامع البيان في معناها: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ـ يعني: ولا يعن بعضكم بعضا على الإثم، يعني: على ترك ما أمركم الله بفعله: والعدوان ـ يقول: ولا على أن تتجاوزوا ما حد الله لكم في دينكم، وفرض لكم في أنفسكم، وفي غيركم.

وجاء في تفسير الراغب الأصفهاني: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ـ فالإثم يتناول جنايات العبد بينه وبين الله وما بينه وبين العباد، والعدوان ما بينه وبين غيره، وهو أخص.

وقال ابن القيم في التفسير: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ـ فالإثم ما كان محرم الجنس، كالكذب والزنا، وشرب الخمر، وغير ذلك، والعدوان: ما كان محرم القدر، والزيادة، فالعدوان تعدي ما أبيح منه إلى القدر المحرم، كالاعتداء في أخذ الحق ممن هو عليه، إما بأن يتعدى على ماله، أو بدنه، أو عرضه، فإذا غصبه خشبة لم يرض عوضها إلا داره، وإذا أتلف عليه شيئا أتلف عليه أضعافه، وإذا قال فيه كلمة قال فيه أضعافها، فهذا كله عدوان، وتعد للعدل.

وعلى كل حال؛ فلا شك أن الأفضل للمسلم أن يتجنب بيع المباح الذي يستعين به الكفار في الاحتفال بأعيادهم، أو غيرها من المعاصي، وراجع الفتوى رقم: 53505.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة