السؤال
طلقني زوجي قبل الدخول ثلاث مرات، في مجالس متفرقة، ثم راجعني بعقد جديد بعد أن سأل أحد الشيوخ، ونحن متزوجان منذ 4 سنوات، لديه ابنة، وأنا حامل. قبل فترة سمعت بفتوى الخلوة الشرعية، وأن حكمها حكم الدخول، وأصابني الذعر والخوف، وأصبت بكآبة شديدة، وظللت أفكر هل حصلت خلوة بيننا قبل الطلاق، وتذكرت أنه زارنا مرة قبل الطلاق، وجلسنا في غرفة الضيوف، وطبعا كانت الأبواب مغلقة، ثم دخلت أخواتي وألقين السلام عليه، جلسن لدقائق، ثم خرجن، وقام زوجي بتقبيلي، ولمسي بسرعة، خوفا من دخول أحد، ثم دخل أبي وقال له إن بإمكانه البقاء لحين انتهاء أبي من جلوسه مع ضيوفه في الغرفة المجاورة، ثم دخلت أخواتي وأحضرن الضيافة لخطيبي، وخرجن، بقينا وحدنا ولكن لم نفعل شيئا خوفا من دخول أبي المفاجئ علينا، وطبعا الأبواب كانت مغلقه في الحادثة كلها. هل أنا الآن محرمة على زوجي؟ وهو لا يقبل النقاش في هذا الأمر، ويقول: أتبع المذهب الشافعي، وعندهم الجماع فقط هو الدخول، وذهب للعمرة بعد فترة، وهناك دعا ربه وقال: إن كانت زوجتي حلال لي، فبارك لي بزواجي، وإن كانت حراما علي أبعدها عني، وأثناء دعائه سمع رجلا يقول لا جناح عليكما، فبكى زوجي، وعندما عاد أمرني بأن لا أفتح الموضوع ثانيا؛ لأنه استشار رب العالمين، وقلبه مرتاح. أخبرني يا شيخ ماذا أفعل هل أتركه أم أبقى معه، فابنتي متعلقة بأبيها جدا؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد استفتى عالما موثوقا به، وحكى له حقيقة ما حصل، فيسعكم العمل بفتواه؛ لأنه قد أدى ما يجب عليه شرعا.
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
ومن طلق زوجته ثلاثا قبل الدخول، فإنها تبين منه بالطلقة الأولى، ولا تقع الطلقتان الباقيتان لكونهما لم تصادفا محلا، أي أن المرأة لم تعد زوجة، فلا يقع عليها الطلاق.
وكون الخلوة لها حكم الدخول، مسألة محل خلاف بين الفقهاء، وإذا كان زوجك مقلدا للمذهب الشافعي، فعند الشافعي في القول الجديد أن الخلوة ليس لها حكم الدخول، فلا تترتب عليها أحكامه، من كمال المهر، ووجوب العدة، ولذلك لا يقع عليها طلاقه.
جاء في المجموع للنووي: وإن خلا الزوج بها ولم يجامعها. فهل حكم الخلوة حكم الوطء في تقرير المهر، ووجوب العدة؟
اختلف العلماء فيها، فذهب الشافعي في الجديد إلى أنه لا تأثير للخلوة في تقرير المهر، ولا في وجوب العدة. اهـ.
وخلاصة الأمر أن عليك أن تدعي القلق والتفكير في أمر الطلاق هذا، وينبغي أن يعمل كل منكما على ما يعين على استقرار الأسرة، وتجنب أسباب الطلاق في المستقبل، بأن يؤدي كل منكما حق الآخر عليه، ويعاشره بالمعروف، قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف {البقرة:228}.
والله أعلم.