هل من فرق بين الحكم بغير ما أنزل الله والتحاكم إلى غير ما أنزل الله؟

0 150

السؤال

ذكرتم في الفتوى رقم: 329851 أن من ذهب إلى المحاكم الوضعية لهوى في نفسه، ومن غير استحلال، ولا رضى، فإنه فاسق، وليس بكافر، لكني وجدت أن هذا في الحاكم الذي يحكم بشرع الله فقط، لكنه لهوى في نفسه، حكم في مسألة معينة بغير شرع الله، أما في المتحاكمين لهذه المحاكم، فإنهم يكفرون بتحاكمهم إلى المحاكم الوضعية، ويمكنكم قراءة كلام ابن كثير في هذا الباب.
وقد قرأت فتواكم قبل أشهر، وقبل عدة أيام، قرأت ما تم ذكره أعلاه، وقد قمت بنطق الشهادتين، والاغتسال بسبب وساوس عدم تكفير الكفار، فهل فعلي صحيح، أم إن المسألة فيها خلاف بالنسبة للمتحاكم، وليس الحاكم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ندري من الذي فرق من أهل العلم بين الحكم بغير ما أنزل الله، والتحاكم إلى غير ما أنزل الله! فهما باب واحد، وكلاهما لا يجوز، ولكل منهما صور تخرج من الملة، وصور لا تخرج من الملة بحسب الحال.

ونصوص العلماء في أي من المسألتين، يصلح للاستشهاد بها على الأخرى، قال الأستاذ الدكتور ناصر العقل في شرح كتاب فضل الإسلام لمحمد بن عبد الوهاب: هذه المسألة من المسائل الخطيرة، وهي مسألة التحاكم إلى الطاغوت، والتحاكم سواء كان جزئيا أو كليا، لا بد أن يدخل فيه التفصيل فيمن حكم بغير ما أنزل الله، أو حكم غير ما أنزل الله، ولا فرق بين الحكم والتحاكم من حيث التنظير العام ... اهـ.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: التحاكم يكون إلى كتاب الله تعالى، وإلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن لم يتحاكم إليهما مستحلا التحاكم إلى غيرهما، فهو كافر، وإن كان لم يستحل التحاكم إلى غيرهما، ولكنه يتحاكم إلى غيرهما من القوانين الوضعية بدافع طمع في مال، أو جاه، أو منصب، فهو مرتكب معصية، وفاسق فسقا دون فسق، ولا يخرج من دائرة الإيمان. اهـ.

وفيها أيضا: لا يجوز للمسلم التحاكم إلى المحاكم الوضعية، إلا عند الضرورة، إذا لم توجد محاكم شرعية، وإذا قضي له بغير حق له، فلا يحل له أخذه. اهـ.

وراجع تفصيل الشيخ ابن عثيمين في مسألة التحاكم إلى القوانين الوضعية، وذلك في الفتويين: 153425، 105534.

وبما تقدم يظهر التفصيل الواجب في مسألة التحاكم إلى المحاكم الوضعية، كما يظهر للسائل خطؤه في الفهم، وأن ما جال بخاطره ما هو إلا من أثر الوسوسة، وأن ما قام به من النطق بالشهادتين، والاغتسال، لم يكن في محله.

وأخيرا ننبه على أن قاعدة: (من لم يكفر الكافر، فهو كافر) محلها هو الكفر المعلوم من الدين بالضرورة، فلا يصح ذلك في حال المسلم الذي يقع في عمل من أعمال الكفر بجهل، أو شبهة، دون إقامة الحجة عليه، كما نبهنا عليه في الفتويين: 98395، 53835.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة