السؤال
قرأت في كتب الفقه القديمة المختلفة القول بحرمة مس كتب التوراة والإنجيل وبعضهم قيد الحرمة بما لم يبدل فهل هذا الكلام دقيق حاليا؟ حيث ثبت تحريف هذه الكتب وبالتالي يجوز مسها للمحدث حدثا أصغر وحدثا أكبر.
قرأت في كتب الفقه القديمة المختلفة القول بحرمة مس كتب التوراة والإنجيل وبعضهم قيد الحرمة بما لم يبدل فهل هذا الكلام دقيق حاليا؟ حيث ثبت تحريف هذه الكتب وبالتالي يجوز مسها للمحدث حدثا أصغر وحدثا أكبر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف أهل العلم في حكم مس الكتب السماوية غير القرآن للمحدث حدثا أكبر أو أصغر، فذهب أكثرهم إلى جواز ذلك، ولو علم عدم تحريفها، لأن الممنوع مسه لغير المتطهر هو القرآن الكريم، لما له من الخاصية على غيره، وقد فصل الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في المجموع مذهب الشافعية في هذه المسألة، فقال: يجوز للمحدث مس التوراة والإنجيل وحملهما، وكذا قطع به الجمهور، وذكر الماوردي والروياني فيه وجهين، أحدهما: لا يجوز، والثاني: - قالا وهو قول جمهور أصحابنا - يجوز لأنها منسوخة. قال المتولي: فإن ظن أن فيها غير مبدل كره مسه ولا يحرم. اهـ وقال الحطاب رحمه الله - وهو من أئمة المالكية - في مواهب الجليل: قال في المسائل الملقوطة: مسألة: لا يكره مس التوراة والإنجيل والزبور للمحدث، لأن النص إنما ورد في القرآن، وما كان من غير لغة العربية لا يسمى قرآنا، بل لو كتب القرآن بالقلم الأعجمي جاز للمحدث مسه؛ لأنه ليس بقرآن، بل تفسير للقرآن، مع أن هذه بدلت فلا نعلم أنها هي أو غيرها. اهـ وقال الحصكفي رحمه الله - وهو من أئمة الحنفية - : وهل مس نحو التوراة كذلك - أي يمنع كالقرآن - ظاهر كلامهم - أي الحنيفة - لا. اهـ ونقل ابن عابدين في الحاشية عن بعضهم: منع مس ما لم يبدل. وقال المرداوي - الحنبلي - في الإنصاف: يجوز مس المنسوخ تلاوته والمأثور عن الله تعالى والتوراة والإنجيل على الصحيح من المذهب. وقيل: لا يجوز ذلك. وعليه، فلا حرج من مس التوراة والإنجيل لغير المتطهر، لاسيما الموجودة اليوم بين أيدي أهلها، لأنها قد حرفت وبدلت وزيد فيها ونقص منها. والله أعلم.