السؤال
أنا فتاة كنت أسكن في الرياض مع أهلي، وبعد زواجي انتقلت للسكن في مدينه الإحساء، بسبب عمل زوجي، الذي انتقل لها قبل زواجنا بشهرين. الآن هو لا يعلم هل يتم تثبيته في الإحساء، أو تأتيه ترقية للرياض، أو أي مدينه أخرى. وكنت إذا ذهبت لزيارة أهلي أترخص برخص السفر، وكنت لا أعلم عن موضوع بلد الموطن، أو بلد الاستيطان.
سؤالي الآن: هل أترخص برخص السفر عند ذهابي لزيارة أهلي في الرياض، بغض النظر عن مدة الإقامة أكثر من 4 أيام، أو أقل؟
وهل يمكن أن توضحوا بشكل بسيط، لتسهيل الفهم علي، الفرق بين بلد الموطن، والاستيطان من ناحية الترخص برخص السفر؟
سؤالي الثاني: علي صيام قضاء من سنوات سابقة، تحريت عدد الأيام، وأتممت صيامها ولله الحمد، وبقيت الكفارة؛ لأني كنت لا أملك المال لإخراج الكفارة، والآن أريد إخراجها هذه الأيام، وصيام القضاء، مرت علي سنتان؛ لأني قرأت فتوى من خلال موقعكم، أنه يجوز صيام الأيام وإخراج الكفارة في وقت آخر، ولم أكن أنوي تأخير إخراجها، لكن لظروف معينة تأخرت إلى هذا الوقت لإخراجها.
سؤالي: هل أعيد صيام الأيام، وإخراج الكفارة بعدها، ولا يكون بينهما هذه المدة، أم أكتفي بإخراج الكفارة فقط، ومن خلال موقعكم اطلعت على طريقة احتساب مقدار الكفارة من خلال ضرب عدد الأيام في 1ونصف، والنتيجة مقدار الزكاة خرج لي الناتج 40 هل أشتري 4 أكياس من الأرز أو الطحين من حجم 10 كيلو وأذهب بها لجمعية لإيصالها للمحتاجين؟
أعينوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فأما عن الترخص برخص السفر، فإن القول المفتى به عندنا هو قول جمهور أهل العلم القائلين بأن من نوى الإقامة في بلد ما أربعة أيام فأكثر، فإنه يلزمه أن يتم الصلاة، ولا يترخص برخص السفر؛ لأنه صار مقيما، وأن السفر ينقطع بنية الإقامة تلك المدة، وأما من نوى الإقامة أقل من أربعة أيام أو لا يدري هل يقيم أربعة أو أكثر أو أقل؟ فإن له أن يترخص برخص السفر، والإنسان إذا خرج من موطنه الأصلي مضربا عن العودة للعيش فيه، واستوطن غيره، لم يصر موطنه الأول وطنا له، وله أن يقصر الصلاة إذا مر به، فإذا كنتم انتقلتم للإحساء مضربين عن الإقامة في الرياض مستقبلا فإن موطنكم الإحساء وليس الرياض، ولكم أن تقصروا الصلاة إذا مررتم بالرياض ولم تنووا الإقامة أربعة أيام فأكثر.
جاء في الموسوعة الفقهية: ما ينتقض به الوطن الأصلي: الوطن الأصلي ينتقض بمثله لا غير، وهو أن يتوطن الإنسان في بلدة أخرى، وينقل الأهل إليها من بلدته مضربا عن الوطن الأول، ورافضا سكناه، فإن الوطن الأول يخرج بذلك عن أن يكون وطنا أصليا له، حتى لو دخل فيه مسافرا لا تصير صلاته أربعا، والأصل فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين من أصحابه - رضي الله عنهم - كانوا من أهل مكة، وكان لهم بها أوطان أصلية، ثم لما هاجروا وتوطنوا بالمدينة، وجعلوها دارا لأنفسهم انتقض وطنهم الأصلي بمكة، حتى كانوا إذا أتوا مكة يصلون صلاة المسافرين، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى بهم: أتموا يا أهل مكة صلاتكم فإنا قوم سفر ، ولا ينتقض الوطن الأصلي بوطن الإقامة، ولا بوطن السكنى؛ لأنهما دونه .... وطن الإقامة هو المكان الذي يقصد الإنسان أن يقيم به مدة قاطعة لحكم السفر فأكثر على نية أن يسافر بعد ذلك ... وطن السكنى هو المكان الذي يقصد الإنسان المقام به أقل من المدة القاطعة للسفر. اهــ.
فإذا ذهبت لزيارة أهلك في الرياض، وعلمت أنك ستقيمين أربعة أيام فأكثر، لزمك إتمام الصلاة من أول يوم، وإن نويت أقل جاز لك الترخص برخص السفر، ولا يضر كون أهلك هناك أو أنها موطنك الأصلي ما دمت قد انتقلت عنها.
قال الإمام الشافعي في الأم فيما تقصر فيه الصلاة من البلدان: وكذلك إن كان له بشيء منها ذو قرابة أو أصهار أو زوجة, ولم ينو المقام في شيء من هذه أربعا قصر إن شاء. اهـــ .
وأما عن إخراج الكفارة فما دمت قد قضيت صيام تلك الأيام فإنك لا تطالبين بإعادة قضائها، ولا يلزمك إخراج الكفارة مع الصيام؛ بل يجوز إخراجها مع الصيام أو قبله أو بعده؛ كما قال المرداوي في الإنصاف - وهو حنبلي -: يطعم ما يجزئ كفارة, ويجوز الإطعام قبل القضاء ومعه وبعده. اهــ.
مع التنبيه على أن كفارة التأخير إنما تلزم فيمن أخر القضاء تفريطا دون من أخره لعذر، ومقدار الإطعام هو كيلو ونصف من الأرز للمسكين الواحد تقريبا.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ... وتطعم عن تأخير القضاء عن كل يوم إطعام مسكين، ومقداره كيلو ونصف من البر أو الأرز أو التمر أو غير ذلك مما يقتاته أهل البلد اهـ.
ولا حرج في توكيل جمعية خيرية لتقوم بتوزيع الطعام على الفقراء، ولا حرج في دفعها إلى فقير واحد، وانظري الفتوى رقم: 246577 ، والمفتى به عندنا أن كفارة التأخير تسقط أيضا عمن أخر القضاء جهلا أو نسيانا.
قال ابن حجر المكي في تحفة المحتاج: قال الأذرعي: لو أخره لنسيان أو جهل، فلا فدية كما أفهمه كلامهم، ومراده الجهل بحرمة التأخير وإن كان مخالطا للعلماء لخفاء ذلك. اهــ.
والله تعالى أعلم.