السؤال
رأينا ـ والحمد لله ـ تطور العلم في حياتنا وعمل الإنسان للروبوتات وغيرها، فهل هناك حدود للعلم في الدين وسينتهي عند بعض الأشياء ولن يستطيع فعلها أم ماذا؟ فقد استبدل الناس في المصانع بالآلات وغيرها الكثير، وهل من الممكن للعلم أن يصل إلى صنع روبوت ذكي مثل الإنسان، أو كما ذكر في القرآن الكريم حينما ضرب المثل بالبعوضة؟ وهل هذا يعني أن العلم الحديث لن يتوصل أبدا إلى شيء قريب منها؟ أم ماذا يعني؟ وهل سيأتي وقت ينتهي فيه العلم ولن يصل الإنسان إلى صنع أشياء عالية؟.
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن للعلم البشري حدودا لا يمكنه تعديها، وهو في مجمله قليل بنص القرآن: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا {الإسراء: 85}!.
والعلم الحديث نفسه عندما تطور وبلغ المدى الذي بلغه الآن صار أحد شواهد هذه الحقيقة الجلية، فكلما زاد التطور العلمي وارتقى فهم الإنسان لبعض الظواهر الكونية وحقائق الخلق رجع ذلك بكثير من علامات الاستفهام التي لا يجد الإنسان لها جوابا ولا تفسيرا، فيقف بذلك على الهوة السحيقة بين العلم الإنساني وتفسير ظواهر الجزء المقدور من الكون المنظور، فما بالنا بالخارج عن المقدور والمنظور معا من هذا الكون الفسيح الممتد، بل إن جسم الإنسان نفسه لا يزال العلم يبدي فيه من عجائب الخلق وتعقيد النظام ما يبهر العقل وينكص به عن ادعاء العلم والمعرفة! قال تعالى: وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون {الذاريات: 20ـ 21}.
وننصح السائل بقراءة كتاب الدكتور عماد الدين خليل: العلم في مواجهة المادية، قراءة في كتاب حدود العلم لسوليفان ـ وهو متوفر على موقع المكتبة الوقفية.
وما ذكره السائل من استبدال الآلات بالإنسان في المصانع ونحو ذلك، لا يمثل في حقيقته تعديا لطور الإنسان، ولا يقارب بأي وجه من الوجوه خلق الإنسان نفسه، ويكفيك في ذلك حصول الحياة ومظاهرها المعجزة، ومنها القدرة على التناسل والبقاء! والأمر لا يقتصر على محاكاة خلق الإنسان، بل ذلك حقيقة مطردة في الأحياء جميعا، من أصغر خلية فيها، وصدق الله القائل: يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب * ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز {الحج: 73 ـ 74}.
وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك في الفتويين رقم: 331972، ورقم: 341734.
والله أعلم.