السؤال
هل يجوز للحنبلي إذا كان يغسل كفه في بداية الوضوء، ثم يتمضمض، ثم يستنشق، ثم يغسل وجهه، ثم يغسل من الرسغ إلى المرفق فقط دون الكف، جهلا بوجوب ذلك، وكان عندما يغسل كفيه في البداية يغسلهما على أنهما واجبان لا على أنهما سنة على ما أذكر؟ وللعلم كنت أتوضأ على هذا الحال مدة ثلاث سنوات من بعد بلوغي، ومنذ أسبوع عندما علمت -ولله الحمد- أن الكفين يدخلان في غسل اليدين، التزمت غسلهما، فهل يجب إعادة الصلوات السابقة مدة ثلاث سنوات؟ أم يجوز العمل بعدم وجوب الترتيب دفعا للحرج، مع الدليل من فضلكم؟ وعندما كنت أغسل الرجلين لم أكن أصب الماء على الكعبين، وإنما كنت أسحبه إلى الكعبين باليدين، فلا أعلم هل هذا مسح أو غسل؟
هذا الأمر أرهقني التفكير فيه؛ لأنني كنت أفعل ذلك الشيء طيلة وضوئي خلال الثلاث السنوات الماضية.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمعتمد في مذهب الحنابلة هو وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء، وعلى هذا القول فوضوء هذا الشخص غير صحيح.
وعند الحنابلة قول أن الترتيب مستحب غير واجب، قال في الإنصاف: وعن أحمد رواية بعدم وجوب الترتيب بين المضمضة والاستنشاق، وبين بقية أعضاء الوضوء، كما تقدم قريبا، فأخذ منها أبو الخطاب في الانتصار، وابن عقيل في الفصول رواية بعدم وجوب الترتيب رأسا، وتبعهما بعض المتأخرين؛ منهم صاحب التلخيص، والمحرر، والفروع، فيه، وغيرهم. انتهى.
وفي سقوط الترتيب بالجهل على القول بوجوبه قولان كذلك، المعتمد في المذهب عدم سقوطه، واختار شيخ الإسلام -رحمه الله- سقوط الترتيب، والموالاة بالعذر، ومن ذلك الجهل، قال في الإنصاف: فائدة: لا يسقط الترتيب، والموالاة بالنسيان، على الصحيح من المذهب، وعليه جمهور الأصحاب، وجزم به ناظم المفردات وغيره، وهو منها، وقدمه ابن عبيدان، وغيره، وقيل: يسقطان، وقيل: يسقط الترتيب وحده. قال ابن تميم: قال بعض أصحابنا: تسقط الموالاة بالعذر، والجهل كذلك في الحكم، قاله في القواعد الأصولية. قال الشيخ تقي الدين: تسقط الموالاة بالعذر. وقال: هو أشبه بأصول الشريعة، وقواعد أحمد. وقوى ذلك، وطرده في الترتيب. انتهى.
وبما مر تعلم أن وضوءك المسؤول عنه صحيح عند بعض الحنابلة، ويسعك الأخذ بهذا القول، وإن كان خلاف المعتمد، فإن العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل، وصعوبة التدارك مما سوغه كثير من العلماء على ما ذكرناه في الفتوى رقم: 125010، ثم إن شيخ الإسلام يرى أن من ترك شرطا أو ركنا جاهلا، فليس عليه قضاء، ويسعك العمل بهذا القول، فإنه قوي متجه، وانظر الفتوى رقم: 125226.
والله أعلم.