السؤال
أريد السؤال عن ألفاظ فى علم الحديث ، ويطلقها المحدثون فى أحكامهم على الحديث ، مثل ألفاظ ( تفرد به أحمد ) و ( تفرد به ابن ماجه ) و ( تفرد به ) هذا اللفظ بشكل عام ، و ( لم يرو إلا من هذا الوجه ) ، و ( لم يروه إلا ) ، و( على شرط البخارى ومسلم ) ، أو على شرط أحدهما ، فهل في أي من هذه الألفاظ جزم بصحة أو ضعف الحديث ، أم أنها لبيان طرق الحديث ورواته ، وليس فيها ما يؤكد الصحة أو التضعيف ؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فألفاظ التفرد التي يذكرها العلماء في كتبهم كقولهم: ( تفرد به أحمد )، و( تفرد به ابن ماجه )، و( تفرد به )، فهذه تفهم من السياق التي قيلت فيه، إذ قد يراد بها أن الحديث تفرد به راو تفردا مطلقا فلم يروه غيره، أو تفرد به تفردا نسبيا بأن رواه عن راو معين فلم يروه عنه غيره، ويكون له طريق أخرى لراو آخر. ومن التفرد النسبي قولهم: ( لم يرو إلا من هذا الوجه ).
يبين ذلك القاسمي رحمه الله في قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث حيث يقول: الفرد: وهو نوعان: فرد مطلق، وفرد نسبي. ولكل أقسام. فأما الفرد المطلق فهو: ما تفرد به راو واحد عن جميع الرواة، ثقات وغيرهم. وله أربعة أحوال: حال يكون مخالفا لرواية من هو أحفظ منه فهذا ضعيف، ويسمى شاذا ومنكرا كما سيأتي. وحال لا يكون مخالفا ويكون هذا الراوي حافظا ضابطا متقنا فيكون صحيحا. وحال يكون قاصرا عن هذا، ولكنه قريب من درجته فيكون حديثه حسنا. وحال يكون بعيدا عن حاله فيكون شاذا منكرا مردودا. فتحصل أن الفرد المذكور قسمان: مقبول، ومردود. والمقبول ضربان: فرد لا يخالف، وراويه كامل الأهلية، وفرد هو قريب منه، والمردود أيضا ضربان: فرد مخالف للأحفظ، وفرد ليس في راويه من الحفظ والإتقان ما يجبر تفرده. القسم الثاني، الفرد النسبي: وهو ما كان بالنسبة إلى صفة خاصة. وهو أنواع: ما قيد بثقة كقولهم: لم يروه ثقة إلا فلان انفرد به عن فلان. أو قيد ببلد معين كمكة والبصرة ومصر، كقولهم: لم يرو هذا الحديث غير أهل البصرة، ونحو تفرد به أهل مصر لم يشركهم أحد، ولا يقتضي شيء من ذلك ضعفه؛ إلا أن يراد تفرد واحد من أهل هذه البلاد فيكون من الفرد المطلق، أو قيد براو مخصوص؛ كقولهم: لم يروه عن بكر إلا وائل، ولم يروه عن وائل غير فلان، فيكون غريبا. انتهى.
وتبين مما سقناه من كلام القاسمي رحمه الله أن الألفاظ الدالة على التفرد بنوعيه لا يلزم منها تصحيح الحديث أو تضعيفه، بل ينظر إلى حال الرواة الذين تفردوا بهذه الأحاديث، فهي -كما سبق- ألفاظ تدل على الطريق التي ورد بها الحديث من حيث التفرد وعدمه.
وأما قولهم على شرط البخاري ومسلم، فقد بينا مرادهم بذلك في الفتوى رقم: 295210، فراجعها.
والله أعلم.