السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع وبعد: فكنت عازما على أن أرسل إليكم سؤالا عما إذا كان النساء المؤمنات في الدنيا خير من الحور العين ووجدت الجواب في الفتاوى لكني لم أجد تخريج الذي ذكرتم أن ابن القيم ذكره، والسؤال هو: من روى الحديث؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أخبرني عن قول الله حور عين. قال: حور بيض، عين ضخام العيون، شقر الجرداء بمنزلة جناح النسور. قلت: يا رسول الله أخبرني عن قوله (كأنهن لؤلؤ مكنون). قال: صفاؤهن صفاء الدر في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي. قلت: يا رسول الله أخبرني عن قوله (فيهن خيرات حسان)[الرحمن:70]. قال: خيرات الأخلاق، حسان الوجوه. قلت: يا رسول الله أخبرني عن قوله (كأنهن بيض مكنون)[الصافات:49]. قال: رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر وهو العرفي. قلت: يا رسول الله أخبرني عن قوله (عربا أترابا)[الواقعة:37]. قال: هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا خلقهن الله بعد الكبر فجعلهن عذارى، عربا متعشقات محببات، أترابا على ميلاد واحد. قلت: يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال: بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين، كفضل الظهارة على البطانة. قلت: يا رسول الله وبم ذاك؟ قال: بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله، ألبس الله وجوههن النور، وأجسادهن الحرير، بيض الألوان، خضر الثياب، صفراء الحلي، مجامرهن الدر، وأمشاطهن الذهب، يقلن: ألا نحن الخالدات فلا نموت أبدا، ألا ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا، ألا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا، طوبى لمن كنا له وكان لنا. قلت: يا رسول الله المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها، من يكون زوجها؟ قال: يا أم سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا، فتقول: أي رب إن هذا كان أحسنهم معي خلقا في دار الدنيا فزوجنيه. يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة.
فدل هذا الحديث على فضل نساء الدنيا في الجنة على الحور العين؛ لقوله صلى الله عليه سلم: بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين، كفضل الظهارة على البطانة..
لكن هذا الحديث: ضعيف. قال فيه ابن القيم : تفرد به سليمان بن أبي كريمة، ضعفه أبو حاتم. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه مناكير ولم أر للمتقدمين فيه كلاما. ثم ساق هذا الحديث من طريقه وقال: لا يعرف إلا بهذا السند.
وروى أبو يعلى أيضا ما يستدل به على فضل نساء الدنيا من أهل الجنة على الحور العين، وفيه: فيدخل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله، واثنتين من ولد آدم، لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما الله عز وجل.
ساق ابن القيم -رحمه الله- هذه الرواية في حادي الأرواح ثم عقب عليها بقوله: هذه قطعة من حديث الصور، والذي تفرد به إسماعيل بن رافع، وقد روى له الترمذي وابن ماجه وضعفه أحمد ويحيى وجماعة، وقال الدارقطني وغيره: متروك الحديث. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه فيها نظر. وقال الترمذي: ضعفه بعض أهل العلم، وسمعت محمدا - يعني البخاري - يقول: هو ثقة مقارب الحديث..
وقد نقل الحافظ ابن حجر في كتابه "تهديب التهذيب" عن البخاري أن هذا الحديث لا يصح، ونقل عن الخلال أن الإمام أحمد سئل عن هذا الحديث؟ فقال: رجاله لا يعرفون. وعن ابن حبان لست أعتمد على إسناد خبره. وعن الأزدي ليس بالقائم في إسناده نظر. وعن الدارقطي : إسناده لا يثبت.
وقد حكم الشيخ الألباني على هذا الحديث في ضعيف الترغيب والترهيب بأنه منكر.
والله أعلم.