السؤال
أفلس كثير من التجار بسبب الكساد، وما يملكه عادة التاجر من أملاك، وبضائع عينية، تبيعها المحكمة لصالح الدائنين قسمة غرماء، فما حكم هذا التاجر؟ علما أن ذمته تغطي الدين، ولكن يحدث أن يبخس ثمن هذه الأشياء، ولا تغطي الديون، وهذا التاجر كان يسدد، ولم يمهله الدائنون، وهو في حيرة من أمره، فهل يسدد باقي الديون، إن وجدت؟ وما حكم الشرع في قسمة الغرماء؟ وماذا عليه كي يبرئ ذمته أمام الله؟ أفتونا -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن كانت عليه ديون حالة، وكان ماله لا يفي بسدادها، فلأصحاب الديون رفع أمره للحاكم؛ ليحجر عليه، ويبيع ما فضل عن حاجته، ولا يجوز للحاكم أن يبيع بأقل من ثمن المثل، ثم يعطي أصحاب الديون ما تحصل، على قدر حصصهم، إلا من وجد متاعه بعينه، فهو أحق به، ودليل ذلك حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، الذي رواه الدارقطني، وصححه الحاكم، أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر عليه، وباع ماله في دين عليه، وقسمه بين غرمائه، فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس لكم إلا ذاك"، ثم بعثه إلى اليمن، وقال: "لعل الله يجبرك، ويؤدي عنك دينك"، فلم يزل باليمن حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أفلس الرجل، فوجد الرجل متاعه بعينه، فهو أحق به. واللفظ لمسلم.
وما بقي من الديون بعد إعطاء الغرماء حصصهم، فإنه لا يسقط، بل يثبت في الذمة حتى يؤديه، كما هو ظاهر حديث معاذ السابق، لكن على الغرماء إنظاره؛ حتى يتيسر حاله، قال تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة {البقرة:280}، بل إن الأفضل هو أن يسقطوا عنه الدين، قال تعالى: وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون {البقرة:280}.
والله أعلم.