الطلاق باللفظ الصريح يقع من غير حاجة إلى نية

0 132

السؤال

أنا رجل ذو طبع هادئ، ولا أغضب بسهولة، ولكن حينما يتم استفزازي لا أسيطر على حواسي، ولا أدرك شعوري.
أحب زوجتي، وهي كذلك، ولكن المشاحنة بيننا متواصلة، وقد تصل إلى أقصاها، إلى حد يملأ قلبي كرها، وكأنها أبغض الناس إلى قلبي، وأخص بالذكر ثلاث مشاحنات:
الأولى: كانت بعد ستة أشهر من الزواج، استفزتني بشكل غير مسموح به، وكلما حاولت تجنبها، أو الابتعاد عنها جرت ورائي، وأشعلت غضبي، وزادت ذلك سوءا حينما قالت لي بتبجح: (أنت لا تستطيع أن تفعل شيئا، أنت نهايتك ماذا) وشعرت بضعف أمامها، ولم يكن أمامي إلا ضربها، وهذا على غير طبعي، أو تطليقها، فقلت لها: "أنت طالق"، ولا تسألني عن نية، فأنا لا أعلم نيتي، كلما أردته هو أن أدفعها عني، وأن أسترد كرامتي، ثم تصالحنا، وقالت لي حرفيا: (لو أنك ضربتني، أو قتلتني، لكن لا تقلها!)
الثانية: مشاحنة لا تقل عن سابقتها، ولكن بسبب طفلي ابن السنتين، والذي كانت تنهال عليه صراخا وضربا، فحذرتها، فلم تنتهي، بل كانت تزيد الطين بلة، وكأنها لا تسمعني، وكأنني لست موجودا، وكان الطفل يرتعد أمامها، فقلت لها: "إن لم تنتهي عن ضربه، فسأضربك مثلما تضربينه"، وكأن شيئا لم يكن؛ فضربتها ضربا خفيفا، وأنا في قمة غضبي، فقالت وأنا أضربها: طلقني، يا فلان، فقلت لها: أنت طالق، يا فلانة.
الثالثة: منذ سنة تقريبا، حدثت مشاحنة لا تختلف عن سابقتيها، تستفزني، فأدفعها، وتستفزني، فأدفعها، وتثير غضبي، ولا أريد ضربها حفظا للأمانة، واحتراما لعائلتها، التي لم أر منها ما يسوؤني، وجاء هاجس في رأسي طلقها، طلقها، طلقها، طلقها مع ضغط منها، وهاجسي، فقلت لها: أنت طالق.
في كل مرة لا تسألني عن نية، فأنا لا أعرف، ولا أقف على نية، فأنا نفسي لا أستطيع أن أقرر نيتي، وفي كل مرة نتصالح، وفي الأخيرة تجنبتها خوفا من الحرمة، ولكن هي سألت من يفتيها، وأخبرتني أنه لم يقع أي من الطلاق، وأنها لا تريد طلاقا، واعتذرت، فقلبي يحدثني بأنني لم أرد طلاقا، ولكن عقلي يثير قلقي، وتشتد أزمتي، خصوصا أن العلاقة بيننا قائمة كزوجين، ولا أدري حل أو حرمة ما أنا عليه، وماذا أفعل؟ وما موقفي عند ربي؟ أرجوا الإفادة المفصلة -بارك الله فيكم، ورحمكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالطلاق باللفظ الصريح، يقع من غير حاجة إلى نية، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وإذا أتى بصريح الطلاق وقع، نواه أو لم ينوه، جادا كان أو هازلا.

وأكثر أهل العلم على أن طلاق الغضبان نافذ، ما لم يزل عقله بالكلية، قال الرحيباني -رحمه الله-: ويقع الطلاق ممن غضب، ولم يزل عقله بالكلية.

وعليه؛ فالذي ظهر لنا من سؤالك أنك تلفظت بصريح الطلاق ثلاث مرات، ولم تكن مغلوبا على عقلك، وبذلك تكون قد أوقعت ثلاث تطليقات على امرأتك، وبانت منك بينونة كبرى، فيجب عليك مفارقتها فورا، ولا تحل لك مراجعتها، إلا إذا تزوجت زوجا آخر، زواج رغبة لا زواج تحليل، ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.

والذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالفقه، والديانة، وتعمل بما يفتونك به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة