السؤال
لدينا6محلات اثنان منها تؤجران طوال العام والأربعة الباقية تؤجر في بعض الشهور ولا تؤجر في أخرى فإذا كنت أعيش من هذه الإجارات فهل علي زكاة العقارات؟ وكم مقدارها؟ وهل يجوز لي أن لا أدفع الزكاة كلها للحكومة إذا علمت أن الدولة فاسدة؟ مع العلم بأن لدي أقارب يستحقون الزكاة ولكي أتهرب من الحكومة في دفع كامل الزكاة يجب أن أحلف أن زكاة عقاراتي هي كذا فهل يجوز أن أحلف كاذبا إذا علمت أن الدولة فاسدة ولا تعطي الزكاة لمستحقيها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المحلات المؤجرة لا زكاة في أعيانها، ولكن إن حصل من إيجارها من المال ما يبلغ النصاب نفسه، أو بما ينضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة وحال عليه الحول، فإنه تجب فيه الزكاة.
وأما عن دفع الزكاة إلى الحاكم الفاسق فقد اختلف العلماء في ذلك اختلافا واسعا؛ فذهب الحنفية والمالكية إلى عدم جواز دفعها إلى الإمام، إن كان رب المال قادرا على الامتناع، أو إخفاء ماله، أو إنكار وجوبها عليه، أو نحو ذلك.
قال الحطاب في مواهب الجليل - وهو من كتب فقه المالكية -: وإذا كان الإمام جائرا فيها لم يجزه دفعها إليه. قال في التوضيح: أي جائرا في تفرقتها وصرفها في غير مصارفها لم يجزه دفعها إليه؛ لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان، والواجب حينئذ جحدها والهروب منها ما أمكن، وأما إذا كان جوره في أخذها لا في تفرقتها، بمعنى أنه يأخذ أكثر من الواجب، فينبغي أنه يجزيه ذلك على كراهة دفعها إليه. اهـ
وذهب الشافعية - وهو مذهب الإمام أحمد - إلى أنها تدفع للإمام إن طلبها وإن علم أنه ينفقها في غير مصارفها. قال الإمام أحمد رحمه الله كما في رواية حنبل: كانوا يدفعون الزكاة إلى الأمراء وهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأمرون بدفعها، وقد علموا فيما ينفقونها فما أقول أنا. اهـ
وقد استدلوا على قولهم هذا بأحاديث وآثار، من ذلك ما رواه أحمد في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ فقال: نعم إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها إلى الله ورسوله، ولك أجرها وإثمها على من بدلها.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ادفعوا صدقاتكم إلى من ولاه الله أمركم، فمن بر فلنفسه، ومن أثم فعليها. قال النووي يرحمه الله في شرح المهذب: رواه البيهقي بإسناد صحيح أو حسن.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ادفعوا إليهم وإن شربوا بها الخمر. قال النووي : رواه البيهقي بإسناد صحيح أو حسن.
وعلى هذا نقول للسائل: إذا كان الحاكم مسلما ظالما وطلب منك زكاة مالك فادفعها إليه، لا سيما إن كان في تهربك من دفعها ارتكاب لمحظور آخر كاليمين الكاذبة.
والله أعلم.