السؤال
هل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- معصومات من الكبائر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى كرم أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث من عليهن بصحبته في الدنيا والآخرة، فهن أفضل النساء، كما قال تعالى: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن [الأحزاب:32].
ومما يدل على فضلهن عدة أمور:
أولا: اختيارهن صحبته -صلى الله عليه وسلم- عندما خيرهن بين البقاء في عصمته، وبين مفارقتهن، وإعطائهن بعض المال، فاخترن الله ورسوله، كما في الحديث المتفق عليه.
ثانيا: مضاعفة ثواب الطاعة لهن، كما قال تعالى: ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين [الأحزاب:31].
ثالثا: أنهن في الجنة في منزلته -صلى الله عليه وسلم-. قال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: وأعتدنا لها رزقا كريما [الأحزاب:31]: أي في الجنة، فإنهن في منازل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أعلى العليين، فوق منازل جميع الخلائق في الوسيلة التي هي أقرب منازل الجنة إلى العرش.
رابعا: تلاوة القرآن في بيوتهن، حيث ذكرهن الله تعالى بهذه النعمة العظيمة، حيث قال: واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة [الأحزاب: 34].
وهن طاهرات لم تصدر منهن فاحشة لما أكرمهن الله به من العفة والصلاح. قال ابن كثير أيضا بعد قوله تعالى: يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة [الأحزاب:30]: قال ابن عباس: هي النشوز وسوء الخلق . وعلى كل تقدير فهو شرط، والشرط لا يقتضي الوقوع، كقوله تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك [الزمر:65]. إلى أن قال: فلما كانت محلتهن رفيعة ناسب أن يجعل الذنب لو وقع منهن مغلظا، صيانة لجنابهن وحجابهن الرفيع، لهذا يضعف لهن العذاب ضعفين. اهـ
ومع هذه المنزلة الرفيعة، فإن الله تعالى لم يعط العصمة إلا للأنبياء والرسل، أما غيرهم فداخل في قوله تعالى في الحديث القدسي: يا عبادي؛ إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم. رواه مسلم. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه الحاكم في المستدرك. ويمكن الرجع إلى الفتوى: 8483.
والله أعلم.