السؤال
إذا كان الوالدان منفصلين لمدة تزيد عن ١٣سنة، ولم يقم الوالد خلال هذه المدة بالإنفاق على الأولاد، علما أن دخله عبارة عن معاش، وبعض التعاملات الربوية، وبعد تلك الفترة تواصل الوالد مع الأولاد، وأعطى كل واحد منهم دفتر توفير باسمه، ومدون فيه المبلغ الأصلي المودع، ومقدار الفوائد التي أضيفت إليه على مر السنوات، فهل يجوز للأولاد أخذ هذه الدفاتر من الوالد، ورفض الفوائد المستقبلية؟ أم يأخذونها ويتصدقون بها؟ أم يسددون بها الدين؟ وهل يجوز لهم أخذ الوديعة الأصلية دون فوائد؟ مع العلم أنهم لا يعلمون هل مصدر المال حلال من المعاش، أم حرام من تعاملات الوالد الربوية، وإذا اشترى لهم الوالد طعاما، أو ملابس، وهم لا يعرفون مصدر المال، فهل يعد هذا الطعام حراما؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الأبناء في قبول تلك الودائع، وما دام أصل الوديعة مبينا، والفوائد المضافة إليه مبينة، فلهم الانتفاع بأصل الوديعة، وأما الفوائد ففيها تفصيل، وهو أنها إذا كانت ربوية، فليس لهم الانتفاع بها، بل تدفع للفقراء والمساكين، أو تدفع في المصالح العامة للمسلمين، إلا إذا كان الأبناء فقراء، فلا حرج عليهم حينئذ في أخذها لأنفسهم، وقضاء دينهم منها، وإلا فلا، قال الإمام النووي حاكيا قول الغزالي في المال الحرام: وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضا فقير. اهـ.
وأما لو كانت الودائع لدى بنك إسلامي، في حساب توفير، ونحوه من صور المضاربة الشرعية: فلا حرج حينئذ بالانتفاع بأرباح تلك الوديعة.
وأما الجهل بمصدر أصل الوديعة، وما يشتريه الأب من طعام، أو غيره، والخشية من أن يكون الأب اكتسب ذلك من حرام، فهذا لا يمنعكم من الانتفاع به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له، إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو، ولم أعلم أنا، كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم، لكن إن كان ذلك الرجل معروفا بأن في ماله حراما، ترك معاملته ورعا، وإن كان أكثر ماله حراما، ففيه نزاع بين العلماء.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 148163.
والله أعلم.