السؤال
حضرت يوم الجمعة عند الأذان الأول دون أن أتخطى الرقاب، حيث كان عدد الحضور قليلا ولم يكتمل إلا الصف الأول فقط، ونظرا لأن الصف الأول كان ممتلئا ولحرصي ورغبتي في الصلاة بالصف الأول دخلت بين اثنين واستأذنتهما أن يفسحا لي، وجلست أمامهما حتى لا أضايقهما وعند إقامة الصلاة توسعت بحمد الله الصفوف ودخلت في الصف الأول بكل سهولة، فهل وقعت في النهي بالتفريق بين اثنين يوم الجمعة وبالتالي ذهب مني أجر الجمعة، علما بأنني اعتذرت منهما على المضايقة، فقالا لم تكن هناك أي مضايقه ـ والحمد لله ـ وإذا حضرت مستقبلا ولم أجد في الصف الأول إلا فرجة بسيطة لا تكفيني، وأعلم أنه إذا أقيمت الصلاة فإن الصفوف سوف تتوسع، فهل لي أن أتقدمهم وأجلس أمامهم من غير مضايقة، ثم إذا أقيمت الصلاة أدخل معهم في الصف؟ أم علي أن أجلس في الصف الثاني وأكسب أجر الصف الأول بالنية؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما دام الجالسان قد أذنا لك، فالظاهر أنه لا حرج عليك فيما فعلت، وقد جاء في حديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما. رواه أحمد وابن ماجه، والبخاري في الأدب المفرد.
والتفريق بين اثنين المنهي عنه بينه ابن رجب في شرح البخاري، حيث قال: التفريق بين اثنين يدخل فيه شيئان:
أحدهما: أن يتخطاهما ويتجاوزهما إلى صف متقدم..... وأكثر العلماء على كراهة تخطي الناس يوم الجمعة، سواء كان الإمام قد خرج أو لم يخرج بعد.
وقالت طائفة: لا يكره التخطي إلا بعد خروجه، كما دل عليه حديث الأرقم، منهم: الثوري، ومالك، والأوزاعي في رواية، ومحمد بن الحسن.... فإن وجد فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي، ففيه قولان:
أحدهما: يجوز له التخطي حينئذ، وهو قول الحسن، وقتادة، والأوزاعي، والشافعي، وكذا قال مالك في التخطي قبل خروج الإمام، وكذا روى معمر عن الحسن وقتادة.
والثاني: أنه يكره، وهو قول عطاء، والثوري...... الثاني مما يدخل في التفريق بين اثنين الجلوس بينهما إن كانا جالسين، أو القيام بينهما إن كانا قائمين في صلاة، فإن كان ذلك من غير تضييق عليهما ولا دفع ولا أذى، مثل أن يكون بينهما فرجة، فإنه يجوز، بل يستحب، لأنه مأمور بسد الخلل في الصف، وإلا فهو منهي عنه، إلا أن يأذنا في ذلك، وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل للرجل أن يفرق بين اثنين، إلا بإذنهما ـ خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي. اهـ.
والله أعلم.