السؤال
في قراءتي لكتب الفقه المالكي أجد نصا قد استعصى علي فهمه، وهو: رسم شك من سماع ابن القاسم ـ فما المراد بهذه العبارة، مع ذكر التوثيق للأهمية؟
في قراءتي لكتب الفقه المالكي أجد نصا قد استعصى علي فهمه، وهو: رسم شك من سماع ابن القاسم ـ فما المراد بهذه العبارة، مع ذكر التوثيق للأهمية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة: رسم ـ ترد كثيرا في كتب المالكية، ولا سيما الكتب الكبيرة أمهات المذهب، كقولهم: 1ـ باب رسم الفائدة المزكاة.
وقولهم: 2ـ زاد في رسم العشور من سماع عيسى من جامع البيوع... حمل سماع يحيي بن القاسم في رسم الصلاة، لمتيطي: ولخوف الوقوع فيه، قلنا في رسم بيع الأرض المبيعة مع دور.
وقولهم: 3ـ رسم فيما جاء في الرجل يشتري العبد أو غيره، فيصيب به العيب، فيصالح البائع من عيبه، قلت: أرأيت إن اشتريت عبدا بمائة دينار، فأصبت بالعبد عيبا، والعبد لم يفت، فصالحني البائع من العيب على أن يدفع إلي مائة درهم إلى شهر، أيجوز هذا؟ قال: لا يجوز هذا؛ لأن هذا ذهب بفضة، ليس يدا بيد.
وقولهم 4ـ رسم في رجل استهلك لرجل بعيرا، أو طعاما، فصالحه على بعير مثله، أو طعام مثله إلى أجل ـ قلت: أرأيت لو أن رجلا استهلك لي بعيرا، فصالحته على بعير مثل صفة بعيري إلى أجل، أيجوز هذا؟ قال: لا يجوز هذا؛ لأن القيمة لزمته، لم يكن له أن يفسخها في دين.
5ـ رسم في الصلح على الإقرار والإنكار، قلت: أرأيت إن ادعيت على رجل مائة درهم، فصالحته من ذلك على خمسين درهما إلى شهر؟ قال: لا بأس بذلك، إذا كان الذي عليه الحق مقرا. انتهى.
وقد أوضح الحطاب معناها في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل حيث قال رحمه الله : (فائدة) في تفسير اصطلاح العتبي وابن رشد في البيان وقوله في رسم القبلة مثلا ورسم حبل الحبلة ورسم سلف ونحو ذلك، وذلك أن العتبي - رحمه الله - لما جمع الأسمعة سماع ابن القاسم عن مالك وسماع أشهب وابن نافع عن مالك وسماع عيسى بن دينار وغيره من ابن القاسم كيحيى بن يحيى وسحنون وموسى بن معاوية وزونان ومحمد بن خالد وأصبغ وأبي زيد وغيرهم جمع كل سماع في دفاتر وأجزاء على حدة. ثم جعل لكل دفتر ترجمة يعرف بها وهي أول ذلك الدفتر فدفتر أوله الكلام على القبلة وآخر أوله حبل الحبلة وآخر أوله جاع فباع امرأته وآخر أخذ يشرب خمرا ونحو ذلك فيجعل تلك المسألة التي في أوله لقبا له وفي كل دفتر من هذه الدفاتر مسائل مختلطة من أبواب الفقه فلما رتب العتيبة على أبواب الفقه جمع في كل كتاب من كتب الفقه ما في هذه الدفاتر من المسائل المتعلقة بذلك الكتاب فلما تكلم على كتاب الطهارة مثلا جمع ما عنده من مسائل الطهارة كلها ويبدأ من ذلك بما كان في سماع ابن القاسم ثم بما كان في سماع أشهب وابن نافع ثم بما في سماع عيسى بن دينار ثم بما في سماع يحيى بن يحيى ثم بما في سماع سحنون ثم بما في سماع موسى بن معاوية ثم بما في سماع محمد بن خالد. ثم بما في سماع زونان وهو عبد الملك بن الحسن ثم بما في سماع محمد بن أصبغ ثم بما في سماع أبي زيد فإذا لم يجد في سماع أحد منهم مسألة تتعلق بذلك الكتاب أسقط ذلك السماع وقد تقدم أن كل سماع من هذه الأسمعة في أجزاء ودفاتر فإذا نقل مسألة من دفتر عين ذلك الدفتر الذي نقلها منه ليعلم من أي دفتر نقلها إذا أراد مراجعتها واطلاعه عليها في محلها فيقصد الدفتر المحال عليه ويعلمه بترجمته. نقلته من خط سيدي الشيخ عمر البساطي قال: نقلته من خط الشيخ محمد بن أحمد التكروري قال: نقلته من خط بعض كبار العلماء مكتوبا أثره نقلته من خط من قال: هكذا سمعت هذا التفسير من شيخنا القلشاني ناقلا له عن شيخه عيسى الغبريني - رحمه الله - وكنت أسمع من والدي قريبا منه، ويقول: فتكون الأسمعة كالأبواب للكتاب والرسوم التي هي التراجم بمنزلة الفصول للأبواب وأقرب إلى العزو وإلى الكشف ما عين فيه الرسم وفي أي سماع هو من أي كتاب والله أعلم. انتهى.
وبهذا تعلم أن الرسم بمثابة الفصل للباب ، فإذا قال مثلا كما سبق رسم فيما جاء في الرجل يشتري العبد أو غيره، فمعناه فصل فيما جاء ... ، وهكذا.
والله أعلم.