السؤال
لقد سمعت بعض العلماء يقول بأن الاختلاط محرم، ولكني أتذكر بعض الأحاديث التي ذكر فيها أن نساء الصحابة كن يأتين لرسول الله يسألنه عن بعض أمورهن ويكون موجودا في مجلس الرسول بعض الرجال. فهل هذا اختلاط؟ وكم يجب أن يكون عدد الرجال والنساء في المكان الواحد حتى يحصل الاختلاط؟ وهل يجوز للمرأة الملتزمة بحجابها أن تختلط بالرجال؟ فقد سمعت من بعض العلماء أن ذلك يجوز.أرجو إيضاح الأمر، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاختلاط بين الرجال والنساء الشائع الآن محرم، وقد سبقت الإجابة عن ذلك في الفتويين: 2523، 9855.
وما ذكرته من أن نساء الصحابة كن يأتين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألنه عن أمر دينهن، وأحيانا يكون في مجلسه بعض الرجال فصحيح؛ وقد ثبت أن عائشة -رضي الله عنها- أثنت على نساء الأنصار بشيء من ذلك. قالت: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن. أخرجه مسلم وأبو داود وأحمد. ولكن هذا لا يعتبر اختلاطا؛ لأنهن يسألن عن أحكام دينهن، ولا يعرفها غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فحضورهن لذلك من الضرورات. ثم إنهن يلتزمن الحجاب ولا يختلطن بالرجال.
وأما سؤالك عن العدد من الرجال والنساء الذي إذا حصل يكون اختلاطا، وعما إذا كانت المرأة الملتزمة للحجاب يجوز أن تختلط بالرجال؟ فجوابه: أنه لا يوجد عدد من الرجال والنساء يباح له الاختلاط، ولا يباح كذلك الاختلاط للمرأة إذا التزمت الحجاب، فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الدخول على النساء. روى الشيخان والترمذي والدارمي وأحمد من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
وروى ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. أخرجه الشيخان وأحمد.
وقصارى ما في الموضوع أن المرأة إذا اضطرت إلى الصلة بالرجال لضرورة عمل أو علاج ونحو ذلك، وكانت ملتزمة بحجابها وحشمتها ووقارها، ولم تخضع بالقول، ولم يحصل منها أي شيء يثير الفتنة، فعسى أن لا يكون عليها إثم؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات.
والله أعلم.