الزنا بذات البعل أعظم إثماً وجرماً

0 382

السؤال

رجل تزوج من امرأة كان يعرفها قبل الزواج، وكان يعاشرها معاشرة الأزواج، علما بأنها كانت متزوجة، وكانت على ذمة زوجها، فلما حدث الطلاق وانتهت العدة تقدم وتزوجها، فدفع لها مهرا ومؤخر صداق، وله منها أولاد، فهل زواجهما صحيح؟ أرجو الإجابة مع توضيح ماذا يعمل شرعا إذا لم يكن صحيحا، ولكم الشكر الجزيل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فعلى هذا الرجل أولا أن يكثر من التوبة والاستغفار، والعمل الصالح؛ لوقوعه في هذه الكبيرة العظيمة، كبيرة الزنا وهتكه لعرض زوج هذه المرأة. وعليه أن يكثر من الحسنات استعدادا لرد الحقوق إلى أصحابها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى": من تاب من ظلم لم يسقط بتوبته حق المظلوم، لكن من تمام توبته أن يعوضه بمثل مظلمته، وإن لم يعوضه في الدنيا فلا بد له من العوض في الآخرة، فينبغي للظالم أن يستكثر من الحسنات حتى إذا استوفى المظلومون حقوقهم لم يبق مفلسا. وقال ابن القيم في "الجواب الكافي": فالزاني بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما من التي لا زوج لها؛ إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه، وتعليق نسب عليه لم يكن منه، وغير ذلك من أنواع أذاه، فهو أعظم إثما وجرما من الزنا بغير ذات البعل. وقال أيضا: وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه وأن يستام على سومه، فكيف بمن يسعى بالتفريق بينه وبين امرأته وأمته حتى يتصل بهما.. ففي ذلك من إثم ظلم الغير ما لعله لا يقصر عن إثم الفاحشة إن لم يرب عليها.. ولا يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة، فإن التوبة وإن أسقطت حق الله فحق العبد باق له المطالبة يوم القيامة، فإن ظلم الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه أعظم من ظلمه بأخذ ماله كله؛ ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله، ولا يعدل ذلك عنده إلا سفك دمه، فيا له من ظلم أعظم إثما من فعل الفاحشة. والتوبة والإكثار من العمل الصالح في حق المرأة أوجب. قال ابن القيم في "زاد المعاد": بدأ الله سبحانه في الحد بذكر المرأة فقال: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)[النور:2]، وفي اللعان بذكر الزوج، وهذا في غاية المناسبة؛ لأن الزنا من المرأة أقبح منه بالرجل؛ لأنها تزيد على هتك حق الله إفساد فراش بعلها، وتعليق نسب من غيره عليه، وفضيحة أهلها وأقاربها، والجناية على محض حق الزوج، وخيانته فيه، وإسقاط حرمته عند الناس، وتعييره بإمساك البغي، وغير ذلك من مفاسد زناها، فكانت البداءة بها في الحد أهم.. اهـ أما زواجهما فصحيح مادام بعد العدة وتوفرت فيه أركان النكاح الشرعي والتي تقدم ذكرها في الفتوى رقم: 18153. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة