السؤال
رجل أوقف قطعة أرض لبناء مسجد، تبلغ مساحتها 270 مترا، وظل فترة طويلة يبحث عن متبرع لبناء المسجد؛ ولكن كل من جاء يرفض البناء لصغر المساحة، وضرورة وجود مساحة خارجية لتهوية المسجد، وشارع متسع، ودروة مياه. مع العلم بأن المتبرع بالأرض لا يستطيع بناء المسجد.
فما الحكم لو أن المتبرع باع هذه القطعة، وساهم بثمنها في إقامة مسجد آخر، أو تبرع بثمنها للفقراء والمساكين، أو أي عمل من أعمال الخير؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام بناء المسجد على هذه الأرض متعسرا، فلا حرج في بيعها -على الراجح- وشراء غيرها لبناء مسجد عليها، أو الإسهام بثمنها في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: مع الحاجة يجب إبدال الوقف بمثله، وبلا حاجة يجوز بخير منه؛ لظهور المصلحة، وهو قياس الهدي، وهو وجه في المناقلة، ومال إليه أحمد، ونقل صالح: ينتقل المسجد لمنفعة الناس. ولا يجوز أن يبدل الوقف بمثله؛ لفوات التعيين بلا حاجة. اهـ.
ومع إمكانية بناء مسجد بثمن هذه الأرض، أو الإسهام بهذا الثمن في بنائه: لا يصح التبرع به للفقراء والمساكين، أو أي عمل من أعمال الخير؛ محافظة على معنى الوقف، وتعيين مصلحته.
قال ابن قدامة في المغني: لا يجوز تغيير المصرف مع إمكان المحافظة عليه، كما لا يجوز تغيير الوقف بالبيع مع إمكان الانتفاع به.
فصل: وإذا لم يف ثمن الفرس الحبيس لشراء فرس أخرى، أعين به في شراء فرس حبيس يكون بعض الثمن. نص عليه أحمد؛ لأن المقصود استبقاء منفعة الوقف الممكن استبقاؤها، وصيانتها عن الضياع، ولا سبيل إلى ذلك إلا بهذه الطريق. اهـ.
وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 28743.
والله أعلم.