السؤال
شكرا على الإجابة على السؤال رقم: 2674131، ولكننا نفهم من آيات الاستغفار الحصول على أشياء معينة مثل غفران الذنوب، المال أو الذرية... كما في سورة نوح أو آيات الاستغفار، أي يحصل المرء على هذه المنافع التي ذكرت في الآيات يقينا أي أن هناك تعارضا مع إجابة الاستغفار بواحدة من ثلاث، فهل هذا يعني أنه إذا ذكرت في القرآن أو الحديث منفعة معينة لن يحصل ذلك، بل يستجاب بواحدة من ثلاث؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين ما أشرت إليه مما ورد في الآيات القرآنية من حصول البركة والولد بسبب الاستغفار، وبين حصول المغفرة أو صرف البلاء وادخار الثواب بسببه، فكل ذلك وغيره من منافع الدعاء وفضله وبركته.. فالاستغفار ذكر ودعاء يحصل به أجر الذكر، ويحصل به ما يحصل بالدعاء من حصول المطلوب من نزول المطر ووفرة المال والولد، أو صرف البلاء، أو حصول الثواب في الآخرة، كما جاء في الحديث المرفوع: ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه الترمذي وغيره.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدعاء والسؤال.
وأما قولك: ولكننا نفهم من آيات الاستغفار حصول أشياء معينة مثل غفران الذنوب، المال أو الذرية... فإن حصول ذلك بعينه ليس بلازم، فقد يحصل المستغفر على هذه الأشياء بعينها، أو يصرف عنه البلاء بسبب الاستغفار، أو يدخر له ثوابها وأجرها، كما جاء في الحديث المشار إليه، ولذلك فإن صاحبه لن يخيب كما هو حال الداعي.
وقد ذكر أهل التفسير عند تفسير الآيات المشار إليها أن نوحا ـ عليه السلام ـ لما رأى حرص قومه على الدنيا وحبهم للمال والولد.. قال لهم ترغيبا في الإيمان: استغفروا ربكم من الكفر وعبادة ما سواه رجاء أن يسقيكم ويعطيكم المال والولد.. جاء في تفسير الطبري: قال ذلك لهم نوح، لأنهم كانوا فيما ذكر قوما يحبون الأموال والأولاد.
وجاء في تفسير القرطبي: قال مقاتل: لما كذبوا نوحا زمانا طويلا حبس الله عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، فهلكت مواشيهم وزروعهم، فصاروا إلى نوح عليه السلام واستغاثوا به، فقال استغفروا ربكم إنه كان غفارا، أي لم يزل كذلك لمن أناب إليه، ثم قال ترغيبا في الإيمان: يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ـ قال قتادة: علم نبي الله صلى الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال: هلموا إلى طاعة الله، فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة.
وقال ابن كثير: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم... وهذا مثل قول الله تعالى: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ـ وقوله تعالى: وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقناهم ماء غدقا.
فكون الاستغفار يحصل به ما ذكر في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية، لا يعني أنه لا يحصل به ما يحصل بالدعاء من إجابة المستغفر أو صرف الشر عنه أو ادخار الثواب له، ولذلك فإنه لا تعارض بين حصول المستغفر على المنافع المذكورة في نصوص الوحي، سواء كانت مغفرة للذنوب أو بركة في الحياة، وبين ما يحصل بالدعاء، وللمزيد من الفائدة عن منزلة الاستغفار والآثار المترتبة عليه انظري الفتوى رقم: 39154.
والله أعلم.