السؤال
أنا مدرس في مدرسة ثانوية في فرنسا، وفي يوم من الأيام جاءتني مديرة هذه المدرسة لتصافحني، فلم أمد يدي بل مددت ذراعي فأمسكته، ولم أفعل هذا إلا خشية أن أفقد عملي، فربما لو رفضت مصافحتها لطلبت مني الاستقالة، فهل يعتبر هذا من الوسيلة المحرمة للحصول على مباح فيكون الأجر الذي أتقاضاه من هذا العمل حراما؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للرجل أن يمس جسد امرأة لا تحل له أو أن يمكنها من مس شيء من جسده، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: واليد تزني وزناها البطش.
وفي رواية لأحمد صححها الأرناؤوط: واليد تزني، وزناها اللمس.
وبهذا تعلم أنك قد أخطأت خطأ بينا بذلك التصرف، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله، وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم: 29785.
وما ذكرته من خشيتك أن يطلب منك الاستقالة عن العمل لا يسوغ لك الإقدام على ما فعلت من المحظور، فقد لا يطلب منك ذلك، ولو طلب منك وفصلت من العمل، فقد يبدلك الله ما هو خير من هذا العمل، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا {الطلاق:2}.
وفي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئا ابتغاء الله تبارك وتعالى إلا أبدلك خيرا منه.
والمداهنة مذمومة، ولكن نرجو أن لا تكون مداهنا، لأنك لم تفعل ما فعلت برضا من قلبك، وقد نقل ابن بطال في شرحه على البخاري عن بعض أهل العلم أنهم عرفوا المداهنة بقولهم: المداهنة هي أن يلقى الفاسق المظهر لفسقه فيؤالفه، ويؤاكله، ويشاربه، ويرى أفعاله المنكرة ويريه الرضا بها ولا ينكرها عليه ولو بقلبه، وهو أضعف الإيمان. اهـ.
ولا تأثير لما فعلت على الكسب، فلا يكون محرما إن كان أصل العمل مباحا وقمت به على الوجه المطلوب، وننبه إلى حرمة العمل في مكان يكون فيه اختلاط بين الرجال والنساء، فهذا من أبواب الفتنة وذرائع الفساد، فلا يجوز الاستمرار في مثل هذا العمل إلا لضرورة، وانظر الفتوى رقم: 41319.
وننبه أيضا إلى أن الإقامة في بلاد الكفر تنطوي على كثير من المخاطر، فلا ينبغي البقاء هنالك لمن ليس له ضرورة أو حاجة، كما بينا في الفتويين رقم: 2007، ورقم: 144781.
والله أعلم.