السؤال
نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - المستيقظ من نوم الليل عن غمس اليد في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثا، فهل هذا النهي للوجوب أم للندب؟ ما دليل ذلك؟
نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - المستيقظ من نوم الليل عن غمس اليد في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثا، فهل هذا النهي للوجوب أم للندب؟ ما دليل ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده. وقد اختلف الفقهاء في حكم غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ممن قام من النوم؛ فذهب الجمهور إلى أن ذلك مستحب غير واجب، وذهب الحنابلة إلى وجوبه، وخصوه بمن قام من نوم الليل، لدلالة قوله: باتت يده على ذلك. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: غسل اليدين في أول الوضوء مسنون في الجملة، سواء قام من النوم أو لم يقم ثم قال: وليس ذلك بواجب عند غير القيام من النوم، بغير خلاف نعلمه. فأما عند القيام من نوم الليل، فاختلفت الرواية في وجوبه، فروي عن أحمد وجوبه، وهو الظاهر عنه، واختيار أبي بكر، وهو مذهب ابن عمر وأبي هريرة والحسن البصري؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده"، وفي لفظ مسلم: "فلا يغمس يده في وضوئه حتى يغسلها ثلاثا". وأمره يقتضي الوجوب، ونهيه يقتضي التحريم. وروي أن ذلك مستحب وليس بواجب، وبه قال عطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر؛ لأن الله تعالى قال: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم)[المائدة:6]الآية. قال زيد بن أسلم في تفسيرها: إذا قمتم من النوم؛ ولأن القيام من النوم داخل في عموم الآية، وقد أمره بالوضوء من غير غسل الكفين في أوله، والأمر بالشيء يقتضي حصول الإجزاء به، ولأنه قائم من نوم، فأشبه القائم من نوم النهار. والحديث محمول على الاستحباب، لتعليله بما يقتضي ذلك، وهو قوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده"، وطريان الشك على يقين الطهارة لا يؤثر فيها، كما لو يتقن الطهارة وشك في الحدث، فيدل ذلك على أنه أراد الندب. اهـ والله أعلم.