السؤال
لا يسعني إلا قول جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
أرجو من الله، ثم من فضيلتكم الإجابة على سؤالي؛ فأنا في حيرة من أمري، فأرشدوني بارك الله فيكم.
نحن نعلم بأن الشك لا يزول إلا باليقين، وأن حديث النفس معفو عنه، ما لم يتكلم به.
سؤالي باختصار: لدي سيارة اشتريتها قبل أكثر من سنة، وكان الهدف منها الاستخدام. اشتريتها ب 6500 ريال، واستخدمتها خلال هذه المدة في بعض المشاوير الخاصة بي، وأيضا جعلتها كمستودع لحفظ بعض الأغراض الخاصة بي. وأريد الآن أن أبيعها بحكم أنها لا فائدة من وجودها، ولا حاجة ملحة لاستخدامها كالسابق. ومن المؤكد أني إن بعتها الآن فلن تزيد قيمتها عن 3000 ريال، إلى 3500 ريال، بفرق عن سعر الشراء تقريبا 3000 ولا أذكر تماما عن حلفي بالطلاق لن أبيع شيئا بخسارة.
فلو نظرنا من الناحية الشرعية -بارك الله فيكم- الحكم في الحلف المشكوك فيه هل حلفت أم لا؟ هل تلفظت أم لا؟ بحكم أن الشك لا يزول إلا باليقين، ومن الناحية الثانية لو فرضنا أن هناك حلفا، وتم بيعها بسعر ينقص عن سعر الشراء بفرق تقريبا 3000 ريال.
هل أنظر لمدة السنة التي استخدمتها مقابل هذه الخسارة، يعني أنا استخدمتها تقريبا سنة، يعادل الفرق في سعر البيع، أي تعتبر المدة كافية، ولا تعتبر خسارة؛ لأني استخدمتها مدة سنة، بعكس من اشترى سيارة وباعها بعد يوم أو يومين، بينما أنا استخدمتها أكثر من سنة، أي استفدت من هذه السنة في بعض المشاوير، وجعلها لحفظ بعض الأغراض، مع العلم أني لم أبعها إلى الآن، ولكن أريد أن أتخلص منها؛ لأنه لا حاجة لي فيها.
هل أبيعها أم أتركها؟
أفتوني مأجورين بارك الله فيكم؟ وما المخرج منها؟
وجزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر أيها الأخ من سؤالك هذا، وأسئلتك السالفة، أنك تعاني من فرط الوسوسة في الطلاق، فنسأل الله لك العافية منها.
والعلاج الذي ينبغي لك الأخذ به: هو الإعراض عن الوساوس جملة، والكف عن التشاغل بها، وقطع الاسترسال معها، وعدم السؤال عنها، والضراعة إلى الله أن يعافيك منها.
وأما محاولة علاج الوسوسة بتتبع التفريعات والمخارج الفقهية، فليس علاجا للوسوسة، ولا مخرجا من ورطاتها.
ونعتذر عن مجاراتك في وساوسك، وإجابة تفريعاتك وافتراضاتك الوسواسية، حفاظا على وقتنا، ومراعاة للأسئلة الكثيرة والمهمة التي بين أيدينا. ولأنه ليست هناك فائدة للسائل الموسوس أصلا من إجابة أسئلته، ما دام مصرا على مجاراة الوساوس والتمادي معها، بل قد تزيده تفاصيل الإجابات وسوسة وحيرة!.
وقد أحلناك في ردنا على أسئلتك السابقة إلى عدة فتاوى حول طلاق الموسوس، ونسوق لك هاهنا هذه الفتوى لابن عثيمين حول طلاق الموسوس. يقول فيها: ونصيحتي لهذا الأخ الذي ابتلي بهذا الوسواس في طلاق امرأته، ألا يلتفت إلى ذلك أبدا، وأن يعرض عنه إعراضا كليا. فإذا أحس به في نفسه، فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم حتى يبعده الله عنه.
أما من الناحية الحكمية: فإن الطلاق لا يقع بهذه الوساوس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل، أو تتكلم) فما حدث الإنسان به نفسه من طلاق أو غيره، فإنه لا يعتبر شيئا. وإذا كان طلاقا فإنه لا يعتبر حتى لو عزم في نفسه على أن يطلق، لا يكون طلاقا حتى ينطق به، فيقول مثلا زوجتي طالق. ثم إن المبتلى بوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به في لسانه إذا لم يكن عن قصد؛ لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة، بل هو مغلق مكره عليه؛ لقوة الدافع، وقلة المانع. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا طلاق في إغلاق) فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه الإنسان بغير قصد ولا اختيار، فإنه لا يقع به طلاق. اهـ. من فتاوى نور على الدرب.
والله أعلم.