السؤال
في قوله تعالى: (عينا يشرب بها المقربون) لماذا قال: بها، ولم يقل: منها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الباء تأتي لمعان عدة، منها التبعيض مثل: من، وعليه، فهي هنا بمعنى من، أي يشرب منها المقربون. وقيل: إن يشرب هنا بمعنى يروى، أو يتلذذ، أو ينتفع.
وفي الآية توجيهات أخرى، منها: أن الفعل يشرب عدي بالباء، كما يتعدى بنفسه، وقيل إن الباء زائدة.
ففي تفسير الطبري: ويعني بقوله: {يشرب بها عباد الله}، يروى بها، وينتفع. وقيل: يشرب بها، ويشربها بمعنى واحد. وذكر الفراء أن بعضهم أنشده:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج
........ اهـ.
وفي تفسير النسفي: {يشرب بها عباد الله}، أي منها، أو الباء زائدة، أو هو محمول على المعنى، أي يلتذ بها، أو يروى بها. وإنما قال أولا بحرف من، وثانيا بحرف الباء؛ لأن الكأس مبتدأ شربهم، وأول غايته. اهـ.
وفي شرح الأشموني لألفية ابن مالك عند الكلام على معاني الباء:
العاشر: التبعيض، نحو: {عينا يشرب بها عباد الله}. اهـ.
وفي مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام عند الكلام على معاني الباء:
الحادي عشر التبعيض: أثبت ذلك الأصمعي والفارسي والقتبي وابن مالك، قيل والكوفيون، وجعلوا منه {عينا يشرب بها عباد الله}.
وقوله: (شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج)
وقوله: ( ... شرب النزيف ببرد ماء الحشرج) ...اهـ.
والله أعلم.