السؤال
أنا في حيرة من أمري، أتمنى منكم الإفادة.
أنا فتاة أحب الإسلام وتعاليمه، وأجتنب المنكرات ما استطعت، ولكن هناك شيء يؤنبني ضميري عليه كثيرا، وهو أنني طالبة في مجال الهندسة الكيميائية، وبلدي كل الدراسة فيه مختلطة، مع فرض كشف الوجه. وأفكر في أن أترك الدراسة وأكتفي بشهادة الدبلوم، وقد قررت أن أقر في بيتي، وأحفظ القرآن الكريم، وأتعلم أمور ديني، ولكن الشيطان يوسوس لي أنني سوف أندم؛ لأن حالتنا المادية ليست ممتازة.
وتارة أقول إن الله لن يضيعني، والأهل وكل من حولي يشجعني على إكمال الدراسة، ويقولون إنه ضمان لمستقبلي المادي، وأنا أعتقد اعتقادا جازما أن الله كاف عبده ورازقه، وليست الشهادة، وإنما هي سبب، وأنا أعتقد أنها محرمة بسبب الاختلاط.
وقد سألت شيخا ضليعا في العلم عن حكمها، وأجابني بأن أتركها لوجه الله، ولكن الذي يشككني أن هناك اختلاطا، ولكني في مجتمع قبلي متزمت جدا جدا جدا، فلا يمكن أن أنظر للشبان، أو أن ينظروا إلي؛ خوفا على سمعتهم، فضلا عن أن نكلمهم وأن نقعد بالقرب منهم، ونحن بلد خليجي ومجتمع قبلي محافظ، ولكن الحكومة تفرض الاختلاط، وكشف الوجه غصبا.
وقد صليت الاستخارة وأنا مترددة. أتمنى جوابا كافيا شافيا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على حبك لتعاليم الإسلام، وحرصك على الاستقامة، واجتناب الاختلاط. فجزاك الله خيرا، وحفظك، وحفظ لك دينك، وقدر لك الخير حيثما كنت.
ولا شك في أن الاختلاط المعهود في الجامعات الآن، من المنكرات العظيمة، ومن أسباب الشر والفساد. والدراسة في مثل هذه الجامعات لا يجوز إلا لضرورة، أو حاجة شديدة، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 157195.
ومصلحة حفظ الدين مقدمة على كل مصلحة، فحيث لم تكن بك حاجة للدراسة، فالواجب عليك تركها، ومن ترك شيئا لله، عوضه خيرا منه؛ قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا *ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق:2}، وفي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئا لله عز و جل، إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه.
وإن كانت بك حاجة لهذه الدراسة، وأمكنك أن تجتنبي أسباب الفتنة كالاختلاط المحرم ونحو ذلك، فلا حرج عليك في الاستمرار في الدراسة، على أن يكون وجودك في الجامعة مقتصرا على قدر الحاجة؛ كحضور المحاضرات، والانصراف بعدها، وفقا لما أوضحنا في الفتوى رقم: 5310.
وكذلك الحال بالنسبة لكشف الوجه، تقتصرين فيه على قدر الحاجة، أي عند وجودك في الجامعة، على أن تستريه بعد مفارقتها، هذا مع العلم بأن مسألة تغطية الوجه محل خلاف بين الفقهاء في حكمها، والمرجح عندنا وجوب تغطيته كما في الفتوى رقم: 5224.
والله أعلم.