السؤال
هل يجوز رفض الزائر عند قدومه من دون إخبارنا أو إعلامنا، سواء كان لدقيقة أو لأيام؟ كحضور أم الزوجة فجأة على الغداء، وتطلب منا الغداء على الرغم من أنها لم تخبرنا، ولا يوجد ما يقدم لها في دقائق؟
وما هي الحدود والأحكام الشرعية للضيف وأصحاب المنزل والزائر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب استقبال الزائر، ولا يأثم المسلم إن رده، قال تعالى: فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم {النور:28}.
قال عبد الرحمن السعدي في تفسيره: أي: فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه، فإن صاحب المنزل، لم يمنعكم حقا واجبا لكم، وإنما هو متبرع، فإن شاء أذن أو منع، فأنتم لا يأخذ أحدكم الكبر والاشمئزاز من هذه الحال. (هو أزكى لكم) أي: أشد لتطهيركم من السيئات، وتنميتكم بالحسنات. اهـ.
ولكن إن لم يكن ثمة عذر يمنع من الاستقبال، فالأولى عدم الامتناع، وخاصة في حق أم الزوجة. وإن طلبت الطعام، فينبغي الاعتذار لها، وتنبيهها بلطف بأنها لو أخبرتكم بمجيئها لأعددتم لها الطعام.
والمقصود أن لا تتركوا مدخلا للشيطان ربما يستغله ليوقع القطيعة، ويفرق بين الأقارب والأحبة، فهو العدو فاحذروه، روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته - قال: - فيدنيه منه، ويقول: نعم، أنت.
ولا شك في أن للزيارة آدابها، وللضيافة أحكامها التي ينبغي مراعاتها، ومن ذلك اختيار الوقت المناسب للزيارة، وعدم تكرارها على وجه يزعج المزور، روى الطبراني عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهاـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : زر غبا؛ تزدد حبا. وهو حديث صحيح لغيره، كما قال الشيخ الألباني. والتوسط فيها مطلوب.
قال الغزالي في إحياء علوم الدين: وهكذا يقصد التوسط في زيارته وغشيانه، غير مقلل ولا مكثر، فإن تقليل الزيارة داعية الهجران ، وكثرتها سبب الملال. اهـ.
ولمزيد الفائدة، راجعي الفتوى رقم: 110085. ولا ينبغي أن يفاجئ أهل البيت، بل يخبرهم قدر الإمكان بعزمه على زيارتهم، حتى يصلحوا من حالهم في أنفسهم وفي بيوتهم، ويستعدوا لاستقباله.
ومن آداب الضيافة البشاشة في وجه الضيف، وحسن استقباله كما فعل نبي الله إبراهيم عليه السلام مع أضيافه.
قال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى في ضيافة إبراهيم: فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين {الذاريات:26}: وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة، فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة، ولم يمتن عليهم أولا فقال: نأتيكم بطعام؟ بل جاء به بسرعة وخفاء، وأتى بأفضل ما وجد من ماله وهو عجل فتي، سمين مشوي. اهـ.
ولمزيد الفائدة، راجع الفتوى رقم: 35629، ورقم: 50538.
والله أعلم.