أقوال العلماء في مسألة البسملة في الفاتحة

2 618

السؤال

صليت بالناس إماما وقد نسيت أن أقرأ البسملة في الفاتحة والسورة التي تليها سرا وقد سجدت للسهو فهل علي شيء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اتفق القراء على وجوب قراءة البسملة في بداية الفاتحة، سواء كان القارئ مبتدئا القراءة أو في أثنائها. كما اتفقوا على وجوب الإتيان بها في ابتداء ما سوى الفاتحة من السور إلا سورة التوبة، فإنها لا تبتدأ بها. قال ابن بري : ولا خلاف عند ذي قراءة=====في تركها في حالتي براءة وذكرها في أول الفواتح=====والحمد لله لأمر واضح وقال الشاطبي: ومهما تصلها أو بدأت براءة=====لتنزيلها بالسيف لست مبسملا ولابد منها في ابتدائك سورة=====سواها وفي الأجزاء خيـر من تلا وقد اختلف في عدها آية من آيات الفاتحة وفي عدمه كـتاب المصاحف مع اتفاقهم جميعا على كتابتها، وعلى أن الفاتحة سبع آيات، فهي آية من الفاتحة في المصحف المكي والمصحف الكوفي، وليست آية مستقلة في المصحف المدني والشامي والبصري. قال عبد الفتاح القاضي في نظم عد الآي: والكوف مع مك يعد البسملة=====سواهما أولى عليهم عدله فإذا علمت كلام القراء فيها، فاعلم أن الفقهاء اختلفوا في كونها آية في الفاتحة، لا تتم الفاتحة إلا بها، وعليه فلا تصح الصلاة دونها، وفي كونها ليست آية منها، فذكر ابن قدامة في المغني، والنووي في المجموع، وابن حزم في المحلى: أن الشافعي وابن المبارك وأحمد في رواية عنه جعلوها آية مستقلة، ولا تصح الصلاة دونها. ورجح هذا المذهب النووي وابن حزم. ومن أوضح حجج هذا المذهب حديث الدارقطني والبيهقي : إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم الكتاب والسبع المثاني، بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها. والحديث صحيح، كما قال الألباني في صحيح الجامع، وصحح ابن حجر كونه موقوفا. وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد -في رواية ذكر ابن قدامة في المغني أنها الرواية المنصورة عند أصحابه- إلى أن البسملة ليست آية مستقلة في الفاتحة. ومن أوضح ما احتجوا به ما أخرجه الإمام مالك في الموطأ، والإمام مسلم في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى : قسمت الصلاة بـيني وبـين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأوا يقول العبد (الحمد لله رب العالمين). يقول الله عز وجل: حمدني عبدي... محل الشاهد أنه بدأ الفاتحة بالحمد لله رب العالمين، ولم يذكر البسملة. ويضاف إلى هذا ما استفاض من عدم جهر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه بها في الصلاة، كما في حديث أنس رضي الله عنه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان. فكانوا يستفتحون بـ(الحمد لله رب العالمين)، لا يذكرون (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول قراءة، ولا في آخرها. رواه مسلم ، وفي رواية ابن خزيمة : يسرون. وفي رواية لأحمد وابن حبان -صححها الأرناؤوط-: لا يجهرون بـ(بسم الله الرحمن الرحيم). ومن هنا يعلم السائل أن مسألة البسملة في الفاتحة وما يترتب على تركها من المسائل الخلافية التي بحث فيها العلماء قديما ولم يصلوا فيها إلى ما يقطع النزاع ويرفع الخلاف. وعليه فمن قلد من لم ير أنها آية من الفاتحة فلا يسجد لتركها لا في الفاتحة ولا في السورة بالأولى، ومن قلد مخالفيه أعاد الصلاة إذا لم يتذكر أنه تركها، إلا بعد فوات التدارك، ولا يكفي السجود عنها. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة