السؤال
أحس أنني ولدت غير محظوظ، ووقعت لي مصائب، وعلى إثرها دعوت كثيرا أن تزول عني؛ لأنها لا تحتمل أبدا.
قرأت هنا وهناك عن الدعاء وشروطه، وكل شيء عن الاستجابة. أعرف كثيرا عن القرآن. مكتوب فيه خلق الله الكون في ستة أيام. يأتيني تفكير ستة أيام فقط، وأنا سنوات لا يحصل لي تغيير، بدأت أقنط.
مكتوب في أماكن عدة: ربما يدخر الله لي في الآخرة، ولكن لا صبر لي، لقد نفد صبري حقا.
حاولت إغراق نفسي في البحر مرارا لكن خفت، حقا أفكر كثيرا بالانتحار رغم أنه حرام، لكن صبري نفد. لدي تشاؤم بكل شيء، بكل شخص، صبري نفد، أريد الانتحار.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يكون مستسلما لحكم الله تعالى، وأن يعلم أن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه، وأن يستحضر رحمة الله تعالى، ويعلم أنه سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، وأنه قد يقدر عليه بعض الشرور والأمور التي يتضرر منها؛ لما له في ذلك من المصلحة العاجلة والآجلة.
فاستحضر هذه المعاني، وأحسن ظنك بالله تعالى، واعلم أن الخير كله بيديه سبحانه، وأنه لم يؤخر الإجابة إلا لما له في ذلك من الحكمة، وتقرب إليه بأداء الفرائض وفعل النوافل، فإن في التقرب إلى الله تعالى راحة النفس، وطمأنينة القلب، وثق بفرج الله تعالى وأنه قريب، مصداق قوله سبحانه: فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا {الشرح:5-6}.
وكلما كنت أتقى لله وأعبد له، كان الفرج وصلاح الحال منك أقرب شيء، كما قال سبحانه: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا {الطلاق:4}.
وإياك والفكرة في الانتحار؛ فإنك إن فعلت أفسدت دنياك وآخرتك، وخسرت نفسك في الدارين -والعياذ بالله- أكثر من الذكر وقراءة القرآن، والزم الدعاء بصدق وتضرع، وخذ بأسباب الإجابة من إطابة المطعم والمشرب، وتحري أوقات الإجابة ونحو ذلك، وعليك بصحبة أهل الخير الذين يحببون الله إليك، ويعينونك على طاعته سبحانه، وتفكر في نعم الله عليك؛ فإنها أكثر بكثير مما سلب منك، تفكر في نفسك الذي تتنفسه، وصحتك التي تتنعم بها وقد حرمها ملايين الناس بما نزل بهم من الأمراض، وتفكر في طعامك وشرابك وغير ذلك مما يسره الله لك من سبل العيش؛ لتعلم أن نعمته عليك عظيمة، وأن ما أعطاك أعظم بكثير جدا مما سلبك.
والله المسؤول أن يهديك لأرشد أمرك، وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 117689، والفتوى رقم: 276448.
والله أعلم.