السؤال
عند الجهمية، هل الإيمان هو العلم فقط، أم التصديق؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإيمان عند الجهمية هو المعرفة فقط.
قال ابن أبي العز -رحمه الله- في شرح الطحاوية، في أثناء ذكر مذاهب الناس في الإيمان، ما نصه: وذهب الجهم صفوان، وأبو الحسن الصالحي أحد رؤساء القدرية, إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب! وهذا القول أظهر فسادا مما قبله! فإن لازمه أن فرعون وقومه كانوا مؤمنين، فإنهم عرفوا صدق موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ولم يؤمنوا بهما، ولهذا قال موسى لفرعون: {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} [الإسراء: 102]. وقال تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} [النمل: 14]. وأهل الكتاب كانوا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، ولم يكونوا مؤمنين به، بل كافرين به، معادين له، وكذلك أبو طالب عنده يكون مؤمنا، فإنه قال:
ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة ... لوجدتني سمحا بذاك مبينا
بل إبليس يكون عند الجهم مؤمنا كامل الإيمان! فإنه لم يجهل ربه، بل هو عارف به، {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون} [الحجر: 36]. {قال رب بما أغويتني} [الحجر: 39] {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين} [ص: 82]. والكفر عند الجهم هو الجهل بالرب تعالى، ولا أحد أجهل منه بربه! فإنه جعله الوجود المطلق، وسلب عنه جميع صفاته، ولا جهل أكبر من هذا، فيكون كافرا بشهادته على نفسه. انتهى.
وأما أهل السنة والحديث، فالإيمان عندهم تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان.
والله أعلم.