وجه تفضيل قلوب اليهود في القسوة على الحجارة

0 274

السؤال

قال تعالى في سورة البقرة: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة. لماذا وصف الله قلوب بني إسرائيل بأنها أشد قسوة من الحجارة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الله -تعالى- وصف قلوب بني إسرائيل بأنها مثل الحجارة أو أشد قسوة من الحجارة، مبالغة منه في شدة قسوتها، وقد بين ابن عاشور في التحرير والتنوير، أن وجه تفضيل قلوبهم في القسوة على الحجارة أنهما اشتركا في جنس القساوة الراجعة إلى معنى عدم قبول التحول.

وهذه القلوب أشد قسوة من الحجارة؛ لأن الحجر قد يتحول إذا تفرق وتشقق، وأما قلوب هؤلاء فلم تجد فيها أي وسيلة ولم تنفع فيها أي موعظة.

ويشهد لما ذكره واقع بني إسرائيل من قتل الأنبياء والآمرين بالقسط من الناس بغير حق، وأكلهم أموال الناس بالباطل، وتكذيب الرسل، وتقديم الأهواء على الأوامر، وقد نقضوا عهد الله وميثاقه، وحرفوا كتبه وتركوا العمل بها، وخانوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- وغدروا به. قال تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل * فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم [المائدة:12، 13].

فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه العقوبات حصلت لهم بترك ما أوجب الله عليهم من الميثاق.

وقال تعالى: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم [الحديد:16].

قال ابن كثير: نهى الله تعالى المؤمنين، أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب من قبلهم، من اليهود والنصارى لما تطاول عليهم الأمد، وبدلوا كتاب الله الذي بأيديهم، واشتروا به ثمنا قليلا، ونبذوه وراء ظهورهم، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، فعند ذلك قست قلوبهم، فلا يقبلون موعظة، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات