السؤال
يقول الحق: "وجمع الشمس والقمر"، لماذا لم يقل الحق: "وجمعت الشمس والقمر" بتاء التأنيث؛ حيث إن الشمس مؤنث مجازي؟ ألا يحتمل أن الشمس والقمر استعملا مجازيا، وليس هما الشمس والقمر الجرمين السماويين؟ أرجو الرد، وشكرا.
يقول الحق: "وجمع الشمس والقمر"، لماذا لم يقل الحق: "وجمعت الشمس والقمر" بتاء التأنيث؛ حيث إن الشمس مؤنث مجازي؟ ألا يحتمل أن الشمس والقمر استعملا مجازيا، وليس هما الشمس والقمر الجرمين السماويين؟ أرجو الرد، وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن للعلماء أقوالا عدة في وجه تذكير: (وجمع) في قوله تعالى: وجمع الشمس والقمر {القيامة:9}، جاء في تفسير الطبري: وقوله: (وجمع الشمس والقمر) يقول تعالى ذكره: وجمع بين الشمس والقمر في ذهاب الضوء، فلا ضوء لواحد منهما، وهي في قراءة عبد الله فيما ذكر لي: (وجمع بين الشمس والقمر)، وقيل: إنهما يجمعان ثم يكوران، كما قال جل ثناؤه: (إذا الشمس كورت)، وإنما قيل: (وجمع الشمس والقمر) لما ذكرت من أن معناه جمع بينهما، وكان بعض نحويي الكوفة يقول: إنما قيل: وجمع على مذهب وجمع النوران، كأنه قيل: وجمع الضياءان، وهذا قول الكسائي .اهـ.
وفي تفسير ابن عطية: وقوله تعالى: "وجمع الشمس والقمر" غلب عليه التذكير على التأنيث، وقيل ذلك لأن تأنيث الشمس غير حقيقي، وقيل: المراد بين الشمس والقمر. واختلف المتأولون في معنى الجمع بينهما، فقال عطاء بن يسار: يجمعان فيقذفان في النار، وقيل: في البحر، فتصير نار الله العظمى، وقيل: يجمع الضوءان، فيذهب بهما .اهـ.
وفي تفسير القرطبي: (وجمع الشمس والقمر) أي: جمع بينهما في ذهاب ضوئهما، فلا ضوء للشمس، كما لا ضوء للقمر بعد خسوفه، قاله الفراء، والزجاج. قال الفراء: ولم يقل جمعت؛ لأن المعنى جمع بينهما. وقال أبو عبيدة: هو على تغليب المذكر. وقال الكسائي: هو محمول على المعنى، كأنه قال الضوءان. المبرد: التأنيث غير حقيقي .اهـ.
وأما كون المراد بالشمس والقمر في الآية الكريمة معنى مجازيا غير حقيقي، فباطل، وتحريف للكلم عن مواضعه، ولم يقل به أحد -فيما نعلم-.
والله أعلم.