الإنابة في الحج عن المرأة الكبيرة التي لا تجد محرمًا

0 130

السؤال

أمي سيدة مسنة يتجاوز عمرها 63 عاما، وتريد الحج، وبسؤال من يتردد على فريضة الحج قالوا: لا تستطيع إلا بمرافق؛ لشدة الزحام، ولكبر السن، فهل تكليف من ينوب عنها، يقدم على حجها مع مرافق؟
وبحمد الله تم تكليف من ينوب عنها، ثم ألحت على الحج في موسم آخر؛ فقدمنا لها مع مرافق من أولادها، ولكن بسبب إجراءات الأوراق، تم استبعاد المرافق في وقت إغلاق التقديم، ولا يستطيع مرافق بديل التقديم، والحمد لله تم اختيارها للحج، وهي تصر على أن تحج منفردة، ولكبر سنها عندنا قلق عليها، فما حكم الحج الأول بالنيابة، إن كانت تستطيع أن تحج بمشقة بالغة؟ وما حكم من ناب عنها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإذا لم تجد والدتك محرما يسافر معها إلى الحج، فإنها لا تعتبر مستطيعة، ولا يجب عليها الحج.

وإذا وجدت رفقة مأمونة تسافر معهم -كجيران، أو أقارب ثقات- فإن من العلماء من يرخص لها في السفر معهم لحج الفريضة، ولو بدون محرم، وهذا هو المفتى به عندنا، ومنهم من يرى أنها لا تسافر للحج معهم؛ لأن المرأة ممنوعة شرعا من السفر بغير محرم؛ لحديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تسافر مسيرة يوم، إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.

ثم إنه لا شك في مشقة حجها وحدها مع كبر سنها بدون مرافق لها، لشدة الزحام، ولكن مع ذلك لا يسوغ لها أن تنيب من يحج عنها، فربما تجد محرما يرافقها في سنوات قادمة، والذي ينيب من يحج عنه، هو من عجز عن الحج عجزا مستمرا -لكبر سن مثلا، أو لمرض لا يرجى برؤه-، قال صاحب الزاد: وإن أعجزه كبر، أو مرض لا يرجى برؤه؛ لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه ...

قال ابن عثيمين في شرحه: قوله: وإن أعجزه كبر، أي: مع توافر المال لديه، فهو قادر بماله، غير قادر ببدنه؛ ولهذا قال: أعجزه كبر ولم يقل: أعجزه فقر، فهو رجل غني، لكن لا يستطيع أن يحج بنفسه؛ لأنه كبير، أو مريض لا يرجى برؤه، فإنه يلزمه أن يقيم من يحج، ويعتمر عنه. وقوله: لا يرجى برؤه، فهم منه أنه لو كان يرجى برؤه، فإنه لا يلزمه أن يقيم من يحج عنه، ولا يلزمه أن يحج بنفسه؛ لأنه يعجزه، لكن يجوز أن يؤخر الحج هنا، فتسقط عنه الفورية لعجزه، ويلزمه أن يحج عن نفسه إذا برئ. اهـ.

كما أنه لا يصح أن يناب عنها أحد -عند عجزها عجزا مستمرا- إلا بإذنها، كما قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز الحج والعمرة عن حي إلا بإذنه، فرضا كان أو تطوعا; لأنها عبادة تدخلها النيابة، فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه، كالزكاة ... اهـ.

فإذا لم تكن والدتك عاجزة عجزا مستمرا، لم يصح أن يناب عنها أحد في الحج. فإن حج عنها -والحالة هذه- لم تسقط عنها حجة الإسلام. وانظر الفتوى رقم: 164833، والفتوى رقم: 123971 في شروط الحج عن الحي.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة